مكانه حتّى أثمر كلّ عود فيه ثمرة.
فأمر به الملك ، فمدّ بين الخشبتين ووضع المنشار على رأسه ، فنشر حتّى سقط المنشار من تحت رجليه ، ثمّ أمر بقدرٍ عظيمة ، فأُلقي فيها زفت وكبريت ورصاص ، فأُلقي فيها جسد جرجيس عليه السلام فطبخ حتّى اختلط ذلك كلّه جميعاً ، فاظلمت الأرض لذلك ، وبعث الله إسرافيل عليه السلام فصاح صيحة خرّ منها النّاس لوجوههم ، ثمّ قلب إسرافيل القدر ، فقال : قم يا جرجيس بإذن الله تعالى ، فقام حيّاً سويّاً بقدرة الله.
وانطلق جرجيس إلى الملك ، فلمّا رآه النّاس عجبوا منه ، فجاءته امرأة وقالت : أيّها العبد الصّالح كان لنا ثور نعيش به فمات ، فقال جرجيس عليه السلام : خذي عصاي هذه فضعيها على ثورك وقولي : إنّ جرجيس يقول : قم باذن الله تعالى ، ففعلت فقام حيّاً ، فآمنت بالله.
فقال الملك : إن تركت هذا السّاحر أهلك قومي ، فاجتمعوا كلّهم أن يقتلوه ، فأمر به أن يخرج ويقتل بالسّيف ، فقال جرجيس عليه السلام ـ لمّا أُخرج ـ : لا تعجلوا عليّ فقال : « اللّهمّ أهلكت (١) أنت عبدة الأوثان أسألك أن تجعل اسمي وذكري صبراً لمن يتقرّب إليك عند كلّ هول وبلاءِ » ثمّ ضربوا عنقه فمات ، ثمّ أسرعوا إلى القرية ، فهلكوا كلّهم (٢).
فصل ـ ١ ـ
٢٨١ ـ وبالاسناد المذكور ، عن ابن عباس (رض) قال : قال عزير : يا ربّ إنّي نظرت في جميع أُمورك وأحكامها ، فعرفت عدلك بعقلي ، وبقي باب لم أعرفه : إنّك تسخط على أهل البليّة فتعمّهم بعذابك وفيهم الأطفال ، فأمره الله تعالى أن يخرج إلى البريّة ، وكان الحرّ شديداً ، فرآى شجرةً فاستظلّ بها ونام ، فجاءت نملة فقرصته ، فدلك الأرض برجله فقتل من النّمل كثيراً ، فعرف انّه مثل ضرب فقيل له يا عزير : إنّ القوم إذا استحقّوا عذابي قدرت نزوله عند انقضاء آجال الأطفال ، فمات أولئك بآجالهم ، وهلك هؤلاء بعذابي (٣).
_________________________________
(١) في البحار : اللّهم إن أهلكت.
(٢) بحار الانوار (١٤ / ٤٤٥ ـ ٤٤٧) ، برقم : (١).
(٣) بحار الانوار (٥ / ٢٨٦) ، برقم : (٨) وفيه : فماتوا أولئك ... وفيه على هذا الخبر بيان جميل الميزان ، راجعه. وكرّره في الجزء (١٤ / ٣٧١) ، برقم : (١٢).