فأوحى الله تعالى إلى شعيا عليه السلام : إنّي رحمت تضرّعه ، واستجبت دعوته ، وقد زدت في عمره خمس عشرة سنة ، فمره فليداوِ قرحته بماء التّين ، فإنّي قد جعلته شفاءً ممّا هو فيه ، وإنّي قد كفيته وبني إسرائيل مؤونة عدوّهم.
فلمّا أصبحوا وجودا جنود ملك بابل مصروعين في عسكرهم موتى لم يفلت منهم أحد إلّا ملكهم وخمسة نفر ، فلمّا نظروا إلى أصحابهم وما أصابهم كرّوا منهزمين إلى أرض بابل ، وثبت بنو إسرائيل متوازرين على الخير ، فلمّا مات ملكهم ابتدعوا البدع ودعا كلٌّ إلى نفسه وشعيا عليه السلام يأمرهم وينهاهم ، فلا يقبلون حتّى أهلكهم الله (١).
٢٨٨ ـ وعن أنس أنّ عبد الله بن سلام سأل النّبي صلّى الله عليه وآله عن شعيا عليه السلام فقال : هو الّذي بشّر بي وبأخي عيسى بن مريم عليه السلام (٢).
فصل ـ ١ ـ
٢٨٩ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أخبرنا أبي عليّ بن الحسين عليهما السلام حدّثني جابر بن عبد الله ، قال : سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يحدّث أنّه كان في ملوك فارس ملك يقال له : روذين جبّار عنيد عات ، فلمّا اشتدّ في ملكه فساده في الأرض ، ابتلاه الله بالصّداع في شقّ رأسه الأيمن حتّى منعه من المطعم والمشرب ، فاستغاث وذلّ ودعا وزراءه ، فشكى إليهم ذلك فأسقوه الأدوية وآيس من سكونه.
فعند ذلك بعث الله نبيّاً فقال له : اذهب إلى روذين
عبدي الجبّار في هيئة الأطبّاء وابتدئه بالتّعظيم له والرّفق به ، ومَنَّه سرعة الشّفاء بلا دواءٍ تسقيه ولا كيٍّ
تكويه ، وإذا رأيته قد أقبل وجهه إليك ، فقل : إنّ شفاء دائك في دم صبيّ رضيع بين أبويه يذبحانه لك
طائعين غير مكرهين ، فتأخذ من دمة ثلاث قطرات فتسعط به في منخرك الأيمن تبرأ من ساعتك ،
_________________________________
(١) بحار الانوار (١٤ / ١٦١ ـ ١٦٢) ، برقم : (٢).
(٢) نفس المصدر ص (١٦٢).