٤٠٨ ـ وفي رواية أخرى قال ابوجهل : قد أمكنتكم الفرصة منه ، فاسألوه كم فيها من الاساطين والقناديل ؟ فقالوا : يا محمّد إنّ ها هنا من دخل بيت المقدس فصف لنا أساطينه وقناديله ، فجاء جبرئيل عليه السلام فعلّق صورة بيت المقدس تجاه (١) وجهه فجعل يخبرهم بما سألوه عنه فلمّا أخبرهم قالوا : حتّى تجيء العير ونسألهم عمّا قلت ، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله : تصديق ذلك أنّ العير تطلع عليكم عند طلوع الشّمس يقدمها جمل أحمر (٢) عليه غِرارتان ، فلمّا كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة والقرص ، فاذا العير يقدمها جمل أحمر ، فسألوهم عمّا قال رسول الله صلّى الله عليه وآله فقالوا : لقد كان هذا فلم يزدهم إلّا عتوّاً (٣).
٤٠٩ ـ فاجتمعوا في دار النّدوة وكتبوا صحيفة بينهم
: أن لا يواكلوا بني هاشم ، ولا يكلّموهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يزوّجوهم ، ولا يتزوّجوا إليهم حتّى يدفعوا
إليهم محمّداً فيقتلونه ، وأنّهم يد واحدة على محمّد يقتلونه غيلة أو صراحاً ، فلمّا بلغ ذلك أبا
طالب جمع بني هاشم ودخلوا الشّعب ، وكانوا أربعين رجلاً ، فحلف لهم ابوطالب بالكعبة والحرم :
إنّ شاكت محمّداً شوكة لاُتينَّ (٤) عليكم يا بني هاشم ،
وحصّن الشِّعب ، وكان يحرسه باللّيل والنّهار ، فاذا جاء اللّيل يقوم بالسّيف عليه ورسول الله صلّى الله عليه وآله
مضطجع ، ثمّ يقيمه ويضجعه في موضع آخر ، فلا يزال اللّيل كلّه هكذا ، ويوكّل ولده وولد أخيه به
_________________________________
(١) في ق ٢ : تلقاء.
(٢) في البحار : أورق. والغرارة بمعنى الجوالق.
(٣) بحار الانوار (١٨ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧) ، برقم : (٣٧) عن أمالي الشّيخ الصّدوق مسنداً والسّند معتبر وللحديث صدر له ربط تامّ بقوله : فاسألوه كم الاساطين فيها إلخ. وهذا هو الصّدر أبي عن علي عن أبيه ... عن أبي عبد الله عليه السلام جعفر بن محمّد الصّادق عليه السلام قال : لمّا اسرى برسول الله صلّى الله عليه وآله إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق فاتيا بيت المقدس وعرض عليه محاريب الأنبياء وصلى بها وردّه فمرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله في رجوعه بعير لقريش وإذا لهم ماء في آنية وقد أضلوا بعيراً لهم وكانوا يطلبونه فشرب رسول الله من ذلك الماء وأهرق باقيه فلمّا أصبح رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لقريش : إنّ الله جلّ جلاله قد أسرى بي إلى بيت المقدس وأراني آثار الانبياء ومنازلهم وإنّي مررت بعير لقريش في موضع كذا وكذا وقد أضلوا بعيراً لهم فشربت من مائهم وأهرقت باقي ذلك فقال ابوجهل قد ... وبالجملة هذا المقدار من الطلب المرتبط ببقيّة الحديث كان ذكره أوّلاً ضروريّاً ولعلّه سقط من قلم الشّيخ الرّاوندي أو من غفلة النّاسخ والله العالم.
(٤) أصله : لاُتي ، ماض مجهول ، اُكّد باللّام والنّون المثقّلة ، أي لجاءكم الهلكة.