فقال : إنّ القوم استكرهوني وإنّي كنت مسلماً ، فقال صلّى الله عليه وآله : الله أعلم بإسلامك إن يكن حقاً ، فانّ الله يجزيك به وأمّا ظاهر أمرك فقد كان علينا ، قال : ليس لي مال ، قال صلّى الله عليه وآله : فأين المال الّذي وضعته عند أمّ الفضل بمكة وليس معكما أحد ؟ فقلت لها : إن اُصبتُ في سفري هذا فهذا المال لبنيَّ الفضل وعبد الله وقثم ، فقال : والله يا رسول الله إنّي لأعلم أنك لرسول الله إنّ هذا شيء ما علمه غيري وغير اُمّ الفضل ، فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم منّي من مال كان معي عشرون أوقية ، فقال رسول الله : لا ، ذلك شيء أعطانا الله منك ففدى نفسه بمائة أوقية ، وذلك قوله تعالى : « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الْأَسْرَىٰ » (١) الآية وعامة من قتل من الكفّار قتلهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلاً (٢).
٤١٨ ـ ثمّ كانت غزاة اُحد على رأس سنة ، ورئيس المشركين يومئذ أبوسفيان بن حرب ، وكان أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله سبعمائة والمشركون ألفين ، وخرج رسول الله بعد أن استشار أصحابه ، وكان رأيه أن يقاتل الرّجال على أفواه السّكك ، ويرمي الضّعفاء من فوق البيوت ، فأبوا إلّا الخروج إليهم ، فلّما صار على الطّريق ، قالوا : نرجع ، فقال : ما كان لنبيّ إذا قصد قوماً أن يرجع عنهم ، وكانوا ألف رجل ، فلمّا كانوا في بعض الطّريق انخذل عنهم عبد الله بن اُبيّ بثلث النّاس ، وقال : والله ما ندري على ما نقتل أنفسنا والقوم قومه ، فهمّت بنو حارثة وبنو سلمة بالرّجوع فعصمهم الله ، وهو قوله تعالى جلّ ذكره : « إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّـهُ وَلِيُّهُمَا » (٣).
وأصبح رسول الله صلّى الله عليه وآله متهيّئاً
للقتال ، وجعل على راية المهاجرين عليّاً عليه السلام وعلى راية الأنصار سعد بن معاذ (٤) ، وقعد رسول الله صلّى
الله عليه وآله في راية الأنصار ، ثمّ مرّ على الرّماة وكانوا خمسين رجلاً وعليهم عبد الله بن جبير ، فوعظهم
وذكّرهم وقال : اتّقوا الله واصبروا وإن رأيتمونا يخطفنا الطّير ، فلا تبرحوا مكانكم حتّى
أرسل إليكم ،
_________________________________
(١) سورة الانفال : (٧٠).
(٢) بحار الانوار (١٩ / ٢٤٠) ، وراجع أعلام الورى ص (٧٥ ـ ٧٦).
(٣) سورة آل عمران : (١٢٢).
(٤) كذا في النّسخ ، وفي البحار : عبادة.