فأقامهم عبد الله بن جبير على الشّعب ، وكانت الهزيمة على المشركين ، فاشتغل بالغنيمة المقاتلة ، فقال الرّماة : نخرج للغنيمة قال عبد الله : أمّا أنا فلا أبرح ، فخرجوا وخرج كمين المشركين عليهم خالد بن الوليد ، فقتل عبد الله ثمّ أتى النّاس من أدبارهم ووضع في المسلمين السّلاح فانهزموا وصاح إبليس : قتل محمّد. ورسول الله يدعوهم في اُخراهم : أيّها النّاس إنّي رسول الله إنّ الله قد وعدني النّصر فإلى أين الفرار ؟.
قال الصّادق عليه السلام : انهزم النّاس عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فغضب غضباً شديداً ، وكان إذا غضب انحدر من وجهه وجبهته مثل اللّؤلؤ من العرق ، فنظر فاذا عليّ إلى جنبه ، فقال : ما لك لم تلحق ببني أبيك ؟ فقال عليّ عليه السلام : يا رسول الله أكفر بعد إيمان ؟ إنّ لي بك أُسوة فقال : أما فاكفني (١) هؤلاء ، فحمل عليّ فضرب اوّل من لقي منهم ، فقال جبرئيل عليه السلام : إنّ هذه لهي المواساة يا محمّد ، فقال : إنّه منّي وأنا منه ، قال جبرئيل عليه السلام : وأنا منكما.
وثاب إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله جماعة من أصحابه ، وأُصيب من المسلمين رجال (٢) منهم حمزة وثلاث آخر من المهاجرين ، وقام أبوسفيان ونادى أحيّ ابن أبي كبشة ، فامّا ابن أبي طالب فقد رأيناه مكانه ، فقال عليّ عليه السلام : أي والّذي بعثه ، وأنه ليسمع كلامك فقال أبوسفيان لعليّ : إنّ ابن قميئة أخبرني أنّه قتل محمداً وأنت أصدق ، ثمّ ولّى إلى أصحابه وقال : اتّخذوا اللّيل جملاً وانصَرِفُوْا.
ثمّ عاد رسول الله صلّى الله عليه وآله ونادى عليّاً عليه السلام فقال : اتبعهم فانظر أين يريدون ؟ فإن كانوا ركبوا الخيل وساقوا الأبل ، فانّهم يريدون المدينة ، وإن كانوا ركبوا الأبل وساقوا الخيل ، فهم متوجّهون إلى مكّة ، وقال : رأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنوبة مدبرة ، فطابت أنفس المسلمين بذهاب العدوّ.
وقال : أبان بن عثمان فلمّا كان من الغد من يوم أحد
نادى رسول الله صلّى الله عليه وآله في المسلمين ، فأجابوه فخرجوا على ما أصابهم من الفزع ، وقدّم عليّاً عليه
السلام بين
_________________________________
(١) في البحار : أمّا لا فاكفني.
(٢) في البحار : سبعون رجلاً ... إلى غير ذلك من اختلافات جمّة في نهايات الحكاية.