يديه براية المهاجرين حتّى انتهى إلى حمراء الأسد ، وكان أبوسفيان أقام بالرّوحاء وهمّ بالرّجعة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وقال : قد قتلنا صناديد القوم ، فلو رجعنا استأصلناهم ، فلقى معبد الخزاعي ، فقال : ما وراك قال : والله تركت محمّداً وأصحابه وهم يحرقون عليكم ، وهذا عليّ بن أبي طالب عليه السلام قد أقبل على مقدمته في النّاس فثنى (١) ذلك أبا سفيان ومن معه ، ثمّ رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله الى المدينة (٢).
٤١٩ ـ ثمّ كانت غزاة (٣) بني النّضير ، وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله مشى إلى كعب بن الأشرف يستقرضه ، فقال : مرحباً بك يا أبا القاسم ، فجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله وأصحابه ، فقام كعب كأنّه يصنع لهم طعاماً وحدّث نفسه أن يقتل رسول الله ، فنزل جبرئيل فأخبر (٤) بما همّ به القوم من الغدر ، فقام صلّى الله عليه وآله كأنّه يقضي حاجته وعرف أصحابه وهو حيّ (٥) ، فاخذ الطّريق نحو المدينة ، فاستقبله بعض أصحاب كعب الّذين أرسل إليهم يستعين بهم على رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فأخبر كعباً بذلك فسار المسلمون راجعين.
فقال عبد الله بن صوريا (وكان أعلم اليهود) : والله إنّ ربّه اطّلعه على ما أردتموه من الغدر ، ولا يأتيكم أوّل ما يأتيكم والله إلّا رسول محمّد (٦) يأمركم عنه بالجلاء ، فأطيعوني في خصلتين لا خير في الثّالث : أن تُسلموا فتأمنوا على دياركم وأموالكم وإلّا إنّه يأتيكم من يقول لكم : اخرجوا من دياركم ، فقالوا : هذه أحبّ إلينا قال : أما إنّ الأولى خير لكم ، ولولا أن أفضحكم لأسلمت ، ثمّ بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله محمّد بن مسلمة إليهم يأمرهم بالرّحيل ، وأمره أن يؤجّلهم في الجلاء ثلاث ليال (٧).
_________________________________
(١) أي كفّه وصرفه عن قصده.
(٢) بحار الانوار (٢٠ / ٩٣) عن اعلام الورى ص (٨٠) مع اختلاف كثير في الالفاظ والمعاني.
(٣) في البحار : غزوة.
(٤) في ق ٥ : فأخبرهم ، وفي البحار : فأخبره.
(٥) كذا في جميع النّسخ إلّا نسخة ق ٢ فانها خالية عن قوله « وهو حيّ » وفي البحار : وعرف أنّهم لا يقتلون أصحابه وهو حيّ.
(٦) كذا في ق ٣ وق ٤ والاعلام والبحار ، وفي ق ١ وق ٢ وق ٥ : إلّا رسول الله محمّد.
(٧) بحار الانوار (٢٠ / ١٦٣ ـ ١٦٤) عن أعلام الورى.