٤٢٠ ـ ثمّ كانت غزوة الخندق وهي الأحزاب ، في شوّال سنة أربع (١) من الهجرة. أقبل حُييّ بن أخطب ، وكنانة بن الرّبيع ، وسلامة (٢) بن أبي الحقيق ، وجماعة من اليهود يقدمون مكّة ، فصاروا إلى أبي سفيان وقريش ، فدعوهم إلى حرب رسول الله ، وقالوا : أيدينا مع أيديكم ونحن معكم حتّى نستأصله ، ثمّ خرجوا إلى غطفان يدعوهم إلى حرب رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وأخبروهم باتّباع قريش إيّاهم فاجتمعوا معهم ، وخرجت قريش.
وسمع بهم رسول الله صلّى الله عليه وآله فخرج إليهم ، وبعد أن أشار سلمان الفارسي أن يصنع خندقاً ، قال : ضربت في ناحية من الخندق ، فعطف عليَّ رسول الله وهو قريب منّي ، فلمّا رآى شدّة المكان نزل ، فأخذ المعول من يدي ، فضرب ضربةً (٣) ، فلمعت تحت المعول لمعة برق ، ثمّ ضرب ضربة اخرى ، فلمعت تحت المعول برقة أخرى ، ثمّ ضرب به الثّالثة فلمعت برقة أخرى.
فقلت يا رسول الله : ما هذا ؟ فقال : أمّا الأولى ـ فانّ الله فتح بها عليّ اليمن ، وأمّا الثّانية ـ فانّ الله فتح عليّ بها الشّام والمغرب ، وأمّا الثالثة فانّ الله فتح عليّ بها المشرق.
وأقبلت الأحزاب إلى النّبي صلّى الله عليه وآله فهال المسلمون أمرهم ، فنزلوا ناحية من الخندق ، وأقاموا بمكانهم بضعاً وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلّا الرّمي بالنّبل والحصا ، ثمّ انتدب فوارس قريش للبراز منهم : عمرو بن عبدود ، وعكرمة بن أبي جهل ، وهبيرة بن أبي وهب ، وضرار بن الخطّاب ، وتلبّبوا للقتال (٤) وأقبلوا على خيولهم حتّى وقفوا على الخندق ، وقالوا : هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ، ثمّ تيمّموا مكاناً من الخندق فيه ضيق ، فضربوا خيولهم فاقتحمت وجاءت بهم إلى السّبخة بين الخندق وسلع ، وخرج عليّ ابن أبي طالب عليه السلام في نفر معه حتّى أخذوا عليهم الثّغرة الّتي اقتحموها فتقدّم عمرو بن عبدود وطلب البراز وقتله (٥) عليّ عليه السلام على ما نذكره.
_________________________________
(١) كذا في الاعلام وفي البحار : خمس.
(٢) في الاعلام والبحار : سلّام.
(٣) في الاعلام : فضرب به ضربة.
(٤) في ق ٣ : وتلبوا القتال ، وفي البحار : قد تلبسوا للقتال وفي مورد آخر : فلبسوا للقتال ، وفي الاعلام : وتهيّؤا للقتال.
(٥) في الاعلام : وطلب البراز فبرز اليه علي عليه السلام فقتله.