فكتب رسول الله صلّى الله عليه وآله ذلك ، ورجع إلى المدينة ، فأنزل الله تعالى في الطّريق : « إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً » فما انقضت تلك المدّة حتّى كاد الاسلام يستولي على أهل مكّة (١).
٤٢٢ ـ ثمّ كانت غزوة خيبر في ذي الحجّة سنة ستّ ، وحاصرهم رسول الله بضعاً وعشرين ليلة ، وبخيبر أربعة عشر ألف يهوديّ في حصونهم ، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وآله يفتحها حصناً حصناً ، وكان من أشدّها القموص ، فأخذ أبوبكر رآية المهاجرين ، فقاتلهم بها فرجع منهزماً ، ثمّ أخذها عمر فرجع منهزماً.
فساء رسول الله ذلك ، فقال : لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّار غير فرّار ، فقال عليّ عليه السلام لمّا سمع (٢) : « اللّهمّ لا معطي لما منعت ، ولا مانع لما أعطيت » فأصبح رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال : ادعوا لي عليّاً ، فقالوا : إنّه أرمد ، فقال : أرسلوا إليه وادعوه فاُتي به يقاد ، فتفل في عينيه فقام وكأنّ عينيه جزعتان ، وأعطاه الرّاية ودعا له فأقبل حتّى ركّزها قريباً من الحصن ، فخرج إليه مرحب ، فبارزه فضرب رجله فقطعها ، وحمل عليّ والجماعة على اليهود فانهزموا (٣).
٤٢٣ ـ قال الباقر عليه السلام : انتهى إلى باب
الحصن وقد أُغلق ، فاجتذبه اجتذاباً شديداً وتترّس به ، ثمّ حمله على ظهره واقتحم الحصن اقتحاماً ، ثمّ رمي الباب بعدما
اقتحم المسلمون ، وخرج البشير إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّ عليّاً دخل الحصن
وأتاه البشير بقدوم جعفر بن أبي طالب من الحبشة وأصحابه إلى المدينة ، فقال : ما أدري بأيّهما
أنا أسرّ بفتح خيبر أو بقدوم جعفر. وتلقّاه رسول الله فلمّا نظر جعفر النبيّ (٤) صلّى الله عليه وآله
مشى على رجل واحدة إعظاماً لرسول الله ، وأخذ علي عليه السلام فيمن أخذ صفيّة بنت حُييّ (٥) بن أخطب ، فدعا بلالاً فدفعها إليه ، وقال : لا
تضعها إلّا في يدي رسول الله ،
_________________________________
(١) بحار الانوار (٢٠ / ٣٦١ ـ ٣٦٣) عن اعلام الورى ص (٩٧).
(٢) في ق ١ والبحار والاعلام : لما سمع مقالة رسول الله.
(٣) بحار الانوار (٢١ / ٢٢) عن أعلام الورى ص (٩٩ / ١٠٠).
(٤) في البحار : جعفر الى النبي.
(٥) في ق ٣ : حيّ.