الله عليه وآله فمسح الغبار من وجهه ، فقال له جبرئيل : رحمك ربّك وضعت السّلاح ولم تضعه أهل السّماء ، وما زلت أتبعهم حتّى بلغت الرّوحاء.
ثمّ قال جبرئيل : انهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب ، فوالله لادقنّهم دقّ البيضة على الصّخرة ، فحاصرهم رسول الله خمساً وعشرين ليلة ، حتّى نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فحكم فيهم بقتل الرّجال وسبي الذّراريّ والنّساء وقسمة الاموال ، وأن يجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار ، فقال النّبي صلّى الله عليه وآله : لقد حكمت فيهم بحكم الله ، فلمّا جيء بالاُسارى حبسوا في دارهم (١) وأمر بعشرة فأخرجوا ، فضرب علي عليه السلام أعناقهم ، ثمّ انفجرت رمية سعد والدّم ينفجر حتّى قضي (٢).
٤٢١ ـ ثمّ كانت غزوة الحديبيّة في ذي القعدة خرج في اُناس كثير من أصحابه يريد العمرة وساق معه سبعين بدنة ، وبلغ ذلك المشركين ، فبعثوا خيلاً ليصدوه عن المسجد الحرام ، وكان صلّى الله عليه وآله يرى أنّهم لا يقاتلونه (٣) ، لأنّه خرج في الشّهر الحرام وأتى : بديل بن ورقا إلى قريش ، وقال : خفّضوا عليكم ، فإنّه لم يأت يريد قتالكم ، وإنّما يريد زيارة هذا البيت ، فقالوا : والله لا نسمع منك ولا تحدّث العرب أنّه دخلها عنوة ولا يقبل منه إلّا أن يرجع عنّا ، ثمّ بعثوا اليه مكرز بن حفص وخالد بن الوليد وصدّوا الهدى.
ثمّ انّهم بعثوا سهيل (٤) بن عمرو ، فقال : يا أبا القاسم إنّ مكة حرمنا وقد تسامعت العرب أنّك غزوتنا ، ومتى تدخل علينا مكة عنوة يطمع فينا فنتخطف ، وإنّا نذكّرك الرّحم (٥) ، فإنّ مكّة بيضتك الّتي تفلّقت عن رأسك ، قال : فما تريد ؟ قال : أريد أن تكتب بيني وبينك هدنة على أن أخليها لك في قابل ولا تدخلها بحرب وسلاح إلّا سلاح الرّاكب السّيف في القراب والقوس.
_________________________________
(١) حبسهم في داره.
(٢) أعلام الورى ص (٩٠ ـ ٩٤) مع اختلاف في آخر الخبر : وراجع البحار (٢٠ / ٢٠٢ و ٢٥٣ و ٢٧١) ومناقب ابن شهر آشوب (١ / ١٩٧).
(٣) في ق ٣ : أنهم يقاتلونه.
(٤) كذا في مواضع من البحار : وفي ق ٣ : سهل.
(٥) في ق ٢ وق ٣ وق ٤ وق ٥ : الرّحمن.