٤٢٧ ـ ثمّ كانت غزوة تبوك ، فتهيّأ في رجب لغزوة الرّوم ، وكتب إلى قبائل العرب ممّن دخل في الاسلام ، فرغّبهم في الجهاد وضرب عسكره فوق ثنيّة الوداع ، واستعمل عليّاً عليه السلام على المدينة ، وقال : لا بدّ للمدينة منّي أو منك ، فلمّا نزل الجرف لحقه عليٌّ ، وقال : يا رسول الله زعمت قريش إنّما خلّفتني استثقالاً لي ، فقال : طالما آذت الاُمم الأنبياء ، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام قال : قد رضيت.
ثمّ رجع إلى المدينة وأتاه وهو بتبوك يُحنة بن روبة صاحب إيلة فأعطاه الجزية ، وبعث خالداً إلى الأكيدر صاحب دومة الجندل ، قال : لعلّ الله يكفيكه بصيد البقر فتأخذه ، فبينا خالد في ليلة إضحيانة (١) مع أصحابه إذ أقبلت البقرة تنطح على باب حصن أكيدر وهو مع امرأتين له ، فقام فركب في ناس من أهله ، فطلبوه فكمن خالد وأصحابه فأخذوه وقتلوا أخاه وأفلت أصحابه ، فأغلقوا الباب فأقبل خالد بأكيدر فسألهم أن يفتحوا فأبوا ، فقال : أرسلني فإنّي أفتح الباب ، فأخذ عليه موثّقاً وأرسله فدخل وفتح الباب حتّي دخل خالد وأصحابه ، فأعطاه ثمانمائة رأس (٢) وألفي بعير وأربعمائة درع وخمسائة سيف وصالح (٣) على الجزية (٤).
وكانت تبوك آخر غزوات رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وكانت غزوات كثيرة في خلال ما ذكرناه (٥).
_________________________________
(١) كذا في ق ٢ وق ٤ وق ٥ ، وفي ق ١ والبحار : اضحيان. وليلة اضحيانة أي مضيئة لا غيم فيها.
(٢) الظاهر سقوط كلمة « غنم » عن جميع النسخ حتى عن البحار والاعلام.
(٣) في البحار والاعلام : وأربعمائة درع وأربعمائة رمح وخمسمائة سيف وصالحه.
(٤) بحار الانوار (٢١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٧) عن أعلام الورى ص (١٢٢ ـ ١٢٣) مبسوطاً.
(٥) غزوات رسول الله صلّى الله عليه وآله على ما قاله المسعودي في مروج الذّهب ، (٢ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨) : ستّ وعشرون ومنهم ما رآى أنّها : سبع وعشرون. ثمّ وجّه هذا الرّأي بقوله : والّذين جعلوها سبعاً وعشرين جعلوا غزوة خيبر مفردة ووادي القرى منصرفة إليها غزوة اخرى غير خيبر انتهى. وهذا يعني وقوع الاختلاف لأجل أن غزوة خيبر عند بعضهم غير غزوة وادي القرى وهما واحد عند بعض آخر بلحاظ أنّ الله لمّا فتح خيبر بيد رسوله فانصرف صلوات الله عليه منها إلى وادي القرى من غير أن يأتي المدينة حتّى منها يتجهّز للحرب إلى وادي القرى. هذا ومن العجيب أنّ المسعودي في المروج عدّدها بسبع وعشرين مع حذفه غزوة وادي القرى من الحساب وهو ممّن ذهب الى الرّأي الاوّل وأنا أنقل عبارته استبصاراً للنّاظرين واستدراكاً لما فات ذكره عن الشّيخ العلامة الرّاوندي وإخراجاً لما أجمله إلى بعض التّفصيل.
قال : وكان أوّل غزواته صلّى الله عليه وآله وسلّم
من المدينة بنفسه إلى ودّان هي المعروفة بغزوة الأبواء. ثمّ غزوة