تعلم أنّا نغلب عليه فأوص بنا فقال صلّى الله عليه وآله : أنتم المستضعفون من بعدي وأصمت (١) ونهض القوم وهم يبكون.
فلمّا خرجوا من عنده ، قال : ردّوا عليَّ أخي عليّ بن أبي طالب وعمّي ، فلمّا استقرّ بهما المجلس ، قال : يا عمّ تقبل وصيّتي وتنجز وعدي وتقضي ديني ؟ فقال : يا رسول الله عمّك شيخ كبير ذو عيال وأنت تباري الرّيح سخاءً ، ثمّ قال لعليّ عليه السلام : يا عليُّ تقبل وصيّتي وتنجز عدتي وتقضي ديني ؟ فقال : نعم يا رسول الله فقال : ادن منّي ، فدنا منه ، فضمّه إليه ونزع خاتمه من يده ، وقال له : خذ هذا فضعه في يدك ودعا بسيفه ودرعه وجميع لامته ، فدفع ذلك إليه ، والتمس عصابةً كان يشدّها على بطنه إذا لبس درعه نزل بها جبرئيل ، فجيء بها فدفعها إليه ، وقال : اقبض هذا في حياتي ، ودفع إليه بغلته وسرجها ، وقال : امض على خيرة الله تعالى إلى منزلك.
فلمّا كان من الغد حجب النّاس عنه وثقل في مرضه ، وكان عليٌّ عليه السلام لا يفارقه إلّا لضرورة ، فلمّا قرب خروج نفسه صلّى الله عليه وآله قال : ضع رأسي يا عليّ في حجرك ، فقد جاء أمر الله ، فاذا فاضت روحي فتناولها بيدك وأمسح بها وجهك ، ثمّ وجّهني إلى القبلة وتولّ أمري ، وصلّ عليَّ أوّل النّاس ، ولا تفارقني حتّى تواريني في رمسي (٢).
٤٣٤ ـ وتوفّى صلّى الله عليه وآله لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر (٣) من الهجرة ولمّا أراد عليّ عليه السلام غسله استدعى بالفضل بن عباس ، فأمره أن يناوله الماء بعد أن عصب عينيه ، فشقّ قميصه من قبل جيبه حتّى بلغ إلى سرته ، وتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه والفضل يناوله الماء.
_________________________________
(١) في الاعلام : وصمت.
(٢) بحار الانوار (٢٢ / ٤٦٦ ـ ٤٧٠) وأعلام الورى ص (١٣٣ ـ ١٣٦) ، والارشاد ص (٩٧) في عنوان : إخبار النّبيّ بموته.
(٣) في البحار (٢٢ / ٤١٥) : قبض النبيّ صلّى الله عليه وآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة احدى عشرة من الهجرة ، ثم قال بيان : هذا هو الموافق لما ذكره أكثر الامامية ، ثم نقل عن التّهذيب وبفصل (١٤) صفحة عن إعلام الورى أنه قبض سنة عشر من الهجرة ، ثم قال بعد فصل قليل : بيان : لعلّ قوله « سنة عشر » مبنيّ على اعتبار سنة الهجرة من أول ربيع الاول حيث وقع الهجرة فيه ، والّذين قالوا : سنة احدى عشرة بنوه على المحرم وهو أشهر وفي مرآة العقول (٥ / ١٧٤) نصّ على ذلك أيضاً.