الله (١) تعالى.
قال : وأقامت الطّائفة المطيعون من الجن على رضوان الله تعالى وطاعته ، وباينوا الطّايفتين من الجن والنسناس اللّذين (٢) عتوا عن أمر الله.
قال : فحط الله أجنحة (٣) الطّائفة من الجنّ الّذين عتوا عن أمر الله وتمرّدوا ، فكانوا لا يقدرون على الطّيران إلى السّماء والى ملاقاة الملائكة لما (٤) ارتكبوا من الذّنوب والمعاصي.
قال : وكانت الطّائفة المطيعة لأمر الله من الجنّ تطير الى السّماء اللّيل والنّهار على ما كانت عليه ، وكان ابليس ـ واسمه الحارث ـ يظهر للملائكة أنّه من الطّائفة المطيعة.
ثم خلق الله تعالى خلقاً على خلاف خلق الملائكة وعلى خلاف خلق الجن (٥) وعلى خلاف خلق النّسناس ، يدبّون كما يدبّ الهوام في الأرض ، يشربون ويأكلون كما تأكل الأنعام من مراعي الأرض ، كلّهم ذكران ليس فيهم أناث ، ولم يجعل (٦) الله فيهم شهوة النّساء ، ولا حبّ الأولاد ، ولا الحرص ، ولا طول الأمل ، ولا لذّة عيش (٧) ، لا يلبسهم اللّيل ، ولا يغشاهم النّهار ، وليسوا ببهائم (٨) ولا هوام ولباسهم (٩) ورق الشّجر ، وشربهم من العيون الغزار والأودية الكبار.
ثم أراد الله يفرقهم فرقتين ، فجعل فرقة خلف مطلع
الشّمس من وراء البحر ، فكوّن لهم مدينة أنشأها لهم تسمّى (١٠) « جابرسا » طولها
اثنا عشر ألف فرسخ في اثنى عشر ألف
_________________________________
(١) في ق ٣ : وأنكروا ربوبية الله.
(٢) في ق ٢ : الطائفتين اللذين.
(٣) في ق ٣ : فحفظ أجنحة.
(٤) في ق ٢ : إلى السّماء والارض والى ملاقاة الملائكة لما ، وفي ق ٣ : والى السّماء والى ملاء الملائكة بما ارتكبوا.
(٥) في ق ٢ وق ٤ : على خلاف خلق الجنّ وعلى خلاف خلق الشّياطين.
(٦) في ق ١ وق ٣ : لم يجعل.
(٧) في ق ١ وق ٣ : ولا لذة العيش.
(٨) في ق ٣ : بهائم.
(٩) في ق ١ وق ٣ : لباسهم ، بدون الواو.
(١٠) في ق ٢ : أنشأها تسمى.