رجل تحت كلّ واحد منهم ألف من الاعوان ، فقال : انطلقوا إلى أطيب فلاة من الارض وأوسعها فاعملوا لي مدينة من ذَهَبٍ وفضّة وياقوت وزبرجد واصنعوا تحت المدينة أعمدة من ياقوت وزبرجد ، وعلى المدينة قصوراً ، وعلى القصور غرفاً ، وفوق الغرف غرفاً ، واغرسوا تحت القصور في أرضها أصناف الثّمار كلّها ، وأجروا فيها الأنهار حتّى تكون تحت أشجارها فقالوا : كيف نقدر على ما وصفت لنا من الجواهر والذّهب والفضّة حتّى يمكننا أن نبني مدينة (١) كما وصفت ؟ قال شدّاد : أما تعلمون أنّ ملك الدّنيا بيدي ؟ قالوا : بلى ، قال : فانطلقوا إلى كلّ معدن من معادن الجواهر والذهب والفضّة ، فوكّلوا عليها جماعةً حتّى يجمعوا ما تحتاجون إليه ، وخذوا جميع ما في أيدي النّاس من الذّهب والفضّة ، فكتبوا إلى كلّ ملك في المشرق والمغرب ، فجعلوا يجمعون أنواع الجواهر عشر سنين ، فبنوا له هذه المدينة في مدَّة ثلاثمائة (٢) سنة.
فلمّا أتوه وأخبروه بفراغهم منها ، قالوا : انطلقوا فاجعلوا عليها حصناً ، واجعلوا حول الحصن ألف قصر ، لكلّ قصر ألف علم ، يكون في كلّ قصرٍ من تلك القصور وزيرٌ من وزرآئي ، فرجعوا وأعملوا ذلك كلّه.
ثم أتوه فأخبروه بالفراغ ممّا أمرهم به ، فأمر النّاس بالتّجهيز إلى إرم ذات العماد ، فأقاموا إلى جهازهم إليها عشر سنين ، ثمّ سار الملك شدّاد يريد إرم ذات العماد ، فلمّا كان من المدينة على مسيرة يوم وليلة ، بعث الله جلّ جلاله عليه وعلى من معه صيحة من السّماء فاهلكتهم جميعاً ، ومٰا دخل هو إرم ولا أحد ممن كان معه ، وإنّي لأجد في الكتب أنّ واحداً يدخلها فيرى ما فيها ، ثمّ يخرج فيحدِّث بما يرى ولا يصدَّق ، فسيدخلها أهل الدّين (٣) في آخر الزمان (٤).
فصل ـ ٣ ـ
وهو صالح بن حاثر بن ثمود بن حاثر بن سام بن نوح صلوات الله عليه(٥).
_________________________________
(١) في ق ٢ : المدينة. |
(٢) في ق ٢ : ثمانمائة. |
(٣) في ق ٢ : أهل الدنيا. |
(٤) بحار الانوار (١١ / ٣٦٧ ـ ٣٦٩) ، برقم : (٢). |
(٥) بحار الانوار (١١ / ٣٧٧) ، برقم : (٢) ، وفيه : هو صالح بن ثمود بن عاثر بن ارم بن سام بن نوح.