الوضع في النظم أن تجاور كل لفظة بلفظة مثلها في الغرابة توخيا لحسن الجوار ورغبة في ائتلاف المعاني بالألفاظ ، ولتتعادل الألفاظ في الوضع وتتناسب في النظم. ولما أراد غير ذلك قال (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) (١) فأتى بجميع الألفاظ المتداولة لا غرابة فيها.
وائتلاف اللفظ مع المعنى أن تكون ألفاظ الكلام ملائمة للمعنى المراد ، فإن كان فخما كانت ألفاظه مفخّمة أو جزلا فجزلة أو غريبا فغريبة أو متداولا فمتداولة أو متوسطة بين الغرابة والاستعمال فكذلك ، كقوله تعالى (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) (٢) فلمّا كان الركون إلى الظالم وهو الميل إليه والاعتماد عليه دون مشاركته في الظلم ، وجب أن يكون العقاب عليه دون العقاب على الظالم ، فأتى بلفظ المسّ الذي هو دون الإحراق والاصطلام (٣). ومنه الفرق بين سقى وأسقى ، فإنّ سقى لما كان لا كلفة معه في السقية أورده تعالى في شراب الجنة فقال (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) (٤) وأسقى لمّا كان فيه كلفة أورده في شراب الدنيا فقال (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) (٥) و (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) (٦) لأن السقيا في الدنيا لا يخلو من الكلفة أبدا ، كذا في الاتقان في نوع بدائع القرآن.
الإيجاب : [في الانكليزية] Neceity ، agreement ـ [في الفرنسية] Neceite ، acceptance
يطلق على معان منها خلاف الاختيار وسيأتي مع أقسامه. ومنها التلفّظ الذي صدر عن أحد العاقدين أولا من أي جانب كان وسيأتي في لفظ القبول. ومنها جعل الشيء واجبا. قالوا الإيجاب والوجوب متّحدان ذاتا مختلفان اعتبارا وسيأتي في لفظ الحكم. ومنها مقابل السلب.
الإيجاز : [في الانكليزية] Concision ـ [في الفرنسية] Concision
بالجيم هو عند أهل المعاني مقابل الإطناب وقد سبق تعريفه هناك. ويرادف الإيجاز الاختصار كما يؤخذ من كلام السكّاكي في المفتاح. وقيل الفرق بين الإيجاز والاختصار عند السكّاكي هو أن الإيجاز ما يكون بالنسبة إلى المتعارف ، والاختصار ما يكون بالنسبة إلى مقتضى المقام ، وهو وهم ، لأنّ السكّاكي قد صرّح بإطلاق الاختصار على كون الكلام أقل من المتعارف ، كذا في المطول. وقال بعضهم : الاختصار خاص بحذف الجمل فقط بخلاف الإيجاز. قال الشيخ بهاء الدين (٧) وليس بشيء كذا في الإتقان.
ثم الإيجاز قسمان : إيجاز قصر وهو ما ليس بسبب حذف ، وإيجاز حذف وهو ما كان بسبب حذف. وفي الإتقان فالأول أي إيجاز القصر هو الوجير بلفظه. قال الشيخ بهاء الدين : الكلام القليل إن كان بعضا من كلام أطول منه فهو إيجاز حذف ، وإن كان كلاما يعطي معنى
__________________
(١) الأنعام / ١٠٩.
(٢) هود / ١١٣.
(٣) الاصطلاء (م).
(٤) الإنسان / ٢١.
(٥) المرسلات / ٢٧.
(٦) الجن / ١٦.
(٧) هو يوسف بن رافع بن تميم بن عتبه الأسدي الموصلي ، أبو المحاسن ، بهاء الدين ابن شداد. ولد بالموصل عام ٥٣٩ هـ / ١١٤٥ م وتوفي في حلب عام ٦٣٢ هـ / ١٢٣٤ م. مؤرخ ، من كبار القضاة. له عدة تصانيف. الأعلام ٨ / ٢٣٠ ، وفيات الأعيان ٢ / ٣٥٤ ، طبقات الشافعية ٥ / ١١٥ ، غاية النهاية ٢ / ٣٩٥ الأنس الجليل ٢ / ٤٤٧ ، ذيل الروضتين ١٦٣ ، مرآة الجنان ٤ / ٨٢.