ذكره] (١). وضد التأكيد التأسيس. ثم التأكيد الصناعي أي الاصطلاحي أقسام. منها التابع مطلقا أي سواء كان تابعا للاسم أو تابعا لغيره ، وهو التأكيد اللفظي ، ويسمّى تأكيدا صريحا أيضا ، وهو تكرير اللفظ الأول أو اللفظ المكرّر. والتكرير أعمّ من أن يكون بلفظه حقيقة نحو (كانَتْ قَوارِيرَا ، قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) (٢) ونحو (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (٣) ونحو (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) (٤) ونحو (فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) (٥) ونحو (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٦) أو حكما نحو ضربت أنت ، فإنّ تكرير الضمير لا يجوز متصلا ، أو يكون بمرادفه نحو (ضَيِّقاً حَرَجاً) (٧) بكسر الراء المهملة. هكذا يستفاد : من الإتقان. وقال الرّضي : اللفظي ضربان. أحدهما أن يعيد الأول نحو جاءني زيد زيد ، والثاني أن يقوّيه بموازنه مع اتفاقهما في الحرف الأخير ويسمّى اتباعا. وهو على ثلاثة أضرب لأنه إمّا أن يكون للثاني معنى ظاهر نحو هنيئا مريئا ، أو لا يكون له معنى أصلا ، بل ضمّ إلى الأوّل لتزيين الكلام لفظا وتقويته معنى ، وإن لم يكن له حال الإفراد معنى ، كقولك حسن بسن وشيطان ليطان ، أو يكون له معنى متكلّف غير ظاهر نحو : خبيث نبيث من نبث الشرّ أي استخرجه انتهى. فعلى هذا يكون الإتباع داخلا في اللفظي الحكمي كما لا يخفى.
فائدة :
المؤكد إمّا مستقلّ يجوز الابتداء به والوقف عليه أو غير مستقل. وغير المستقل إن كان على حرف واحد وكان مما يجب اتصاله بأول نوع من الكلم أو بآخر نوع منها يكرّر بتكرار عماده في السّعة نحو بك بك ، وضربت ضربت ، وإن لم يكن على حرف واحد ولا واجب الاتصال جاز تكريره وحده نحو إنّ إنّ زيدا قائم.
ومنها أحد التوابع الخمسة للاسم وهو تابع يقرر أمر المتبوع في النسبة أو الشمول ، أي يقرر حاله وشأنه عند السامع ، يعني يجعل حاله ثابتا متقرّرا عنده في النسبة أي في كونه منسوبا أو منسوبا إليه ، نحو زيد قتيل قتيل ، وضرب زيد زيد ، فيثبت عنده أنّ المنسوب أو المنسوب إليه في هذه النسبة هو المتبوع لا غير ، أو يقرر شمول المتبوع أفراده نحو : جاءني القوم كلّهم ، وهذا التقرير هو الغرض من جميع ألفاظ التأكيد. فبقولنا يقرر أمر المتبوع خرج البدل وعطف النسق وهذا ظاهر. وكذلك الصفة لأنّ وضعها للدلالة على معنى في متبوعها وإفادتها توضيح متبوعها في بعض المواضع كما في قولنا : نفخة واحدة ، ليست بالوضع ، وبقولنا في النسبة أو الشمول خرج عطف البيان ، فإنّه وإن كان يوضح ويقرر متبوعه لكن لا يوضح في النسبة أو الشمول. فإن قيل قد ذكر صاحب المفصّل أنّ زيد في نحو يا زيد زيد من البدل ويصدق عليه هذا الحد. قيل إن ذكر زيد بهذه الحيثية فلا شك أنّه تأكيد وإن ذكر زيد أوّلا بحيث يكون توطئة لذكر غيره ثم بدا له أن يقصده دون غيره فذكره ثانيا بهذا الطريق يكون
__________________
(١) [أي لفظ ... بدون ذكره] (+ م).
(٢) الإنسان / ١٥ ـ ١٦.
(٣) الطارق / ١٧.
(٤) المؤمنون / ٣٦.
(٥) هود / ١٠٨.
(٦) الشرح / ٥ ـ ٦.
(٧) الأنعام / ١٢٥.