وفي سورة الشعراء حكى قول إبراهيم (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) (١) فتخلّص منه إلى وصف المعاد بقوله (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) (٢) إلى آخره. وفي سورة الكهف حكى قول ذي القرنين في السّدّ (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) (٣) فتخلّص منه إلى وصف حالهم بعد دكّه الذي هو من أشراط الساعة ثم النفخ في الصور ثم ذكر الحشر ووصف مآل الكفار والمؤمنين.
وقال بعضهم : الفرق بين التخلّص والاستطراد أنك في التخلّص تركت ما كنت فيه بالكلّية وأقبلت على ما تخلّصت إليه ، وفي الاستطراد تمرّ بذكر الأمر الذي استطردت إليه مرورا كالبرق الخاطف ثم تتركه وتعود إلى ما كنت فيه كأنّك لم تقصد وإنّما عرض عروضا. قيل وبهذا يظهر أنّ ما في سورة الأعراف والشعراء من باب الاستطراد لا التخلّص لعوده في الأعراف إلى قصة موسى عليهالسلام بقوله ومن قوم موسى إلى آخره ، وفي الشعراء إلى ذكر الأنبياء والأمم. ويقرب من حسن التخلّص الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع مفصولا بهذا كقوله تعالى في سورة ص بعد ذكر الأنبياء (هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ) (٤) فإنّ هذا القرآن نوع من الذكر. فلما انتهى ذكر الأنبياء وهو نوع من التنزيل أراد أن يذكر نوعا آخر وهو ذكر الجنة وأهلها ، ثم لمّا فرغ قال : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) (٥) فذكر النار وأهلها. قال ابن الأثير في هذا المقام من الفصل الذي هو أحسن من الوصل وهي علامة وكيدة بين الخروج من كلام إلى آخر. ويقرب أيضا منه حسن المطلب. قال الزنجاني (٦) والطيبي وهو أن يخرج إلى الغرض بعد تقدّم الوسيلة كقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٧).
قال الطيبي ومما اجتمع فيه حسن المطلب وحسن التخلّص قوله تعالى حكاية عن إبراهيم (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ ، الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) (٨) إلى قوله : (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (٩) انتهى ما في الإتقان.
التّخمة : [في الانكليزية] Indigestion ـ [في الفرنسية] Indigestion
بالضم وفتح الخاء ناگوار شدن طعام وجزان أصله الوخمة قلبت الواو تاء. وعند الأطباء عبارة عن فساد الطعام في المعدة واستحالته إلى كيفية غير صالحة كما في بحر الجواهر.
التّخيّل : [في الانكليزية] Imagination ، representation ـ [في الفرنسية] Imagination ، representation
عند الحكماء هو إدراك الحسّ المشترك الصور وقد سبق في لفظ الإحساس. ويعرف أيضا بحركة النّفس في المحسوسات بواسطة
__________________
(١) الشعراء / ٨٧.
(٢) الشعراء / ٨٨.
(٣) الكهف / ٩٨.
(٤) ص / ٤٩.
(٥) ص / ٥٥.
(٦) هو محمود بن أحمد بن محمود بن غبيثار ، أبو المناقب ، شهاب الدين الزنجاني ولد عام ٥٧٣ هـ / ١١٧٧ م وتوفي ببغداد عام ٦٥٦ هـ / ١٢٥٨ م. لغوي ، فقيه شافعي ، درّس بالمدرسة النظامية ثم بالمستنصرية ببغداد. له عدة مؤلفات. الاعلام ٧ / ١٦١ ، طبقات الشافعية ٥ / ١٥٤ ، النجوم الزاهرة ٧ / ٦٨.
(٧) الفاتحة / ٥.
(٨) الشعراء / ٧٧ ـ ٧٨.
(٩) الشعراء / ٨٣.