عمرو الزبيريّ قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله قال : الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه ؛ فمنها : كفر الجحود على وجهين ، والكفر بترك ما أمر الله ، وكفر البراءة ، وكفر النعم.
فأمّا كفر الجحود ، فهو الجحود بالربوبيّة ، وهو قول من يقول : لا ربّ ولا جنّة ولا نار. وهو قول صنفين من الزنادقة ، يقال لهم «الدهريّة» وهم الّذين يقولون (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) (١) وهو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم على غير تثبيت منهم ولا تحقيق بشيء ممّا يقولون ، قال الله عزّ وجلّ : (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (٢) إنّ ذلك كما يقولون.
وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣) يعني بتوحيد الله جلّ وعزّ ، فهذا أحد وجوه الكفر.
وأمّا الوجه الآخر من الجحود على معرفة فهو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنّه حقّ قد استيقن عنده ، وقد قال الله جلّ وعزّ : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) (٤).
وقال الله : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (٥) فهذا تفسير وجهي الجحود.
والوجه الثالث من الكفر كفر النعم ، وذلك قول الله جلّ وعزّ يحكي قول
__________________
(١ و ٢) الجاثية : ٢٤.
(٣) البقرة : ٦.
(٤) النمل : ١٤.
(٥) البقرة : ٨٩.