خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١) (٢). انتهى.
أقول : وللناس في ذلك الحديث أقوال ومحامل ، والظاهر أنّ المراد بهم كلّ من فاز بمقام التوحيد الّذي [هو] عبارة عن تخليص القلب عن الشوائب الغيريّة ، وتصفية الفطرة عن الشؤونات العرضيّة بحيث استعدّ للتجلّيات الذوقيّة ، والبارقات الجذبيّة الإشراقيّة ، اللهمّ اجعلنا منهم أو ممّن أحبّهم بحقّ محمّد وآله.
السادسة : لا بأس بتفسير الشرب من الكأس بالتذاذ العارف المستعدّ من ملاقاة الحقّ ، وتجلّيه له في بساط الشهود ، فإنّ له في ذلك المقام توجّدات وتطرّبات وتطوّرات كتوجّدات السكران يلتذّ بها ، ويفوز منها ألطف التذاذ ، وأشرف فوز.
ويسمّى ذلك المقام بـ «مقام السكر» فإنّ حقيقته الغيبة عن عالم الحسّ العنصريّ والمحاضرة مع الحقّ في عرش التوحيد ، وقد يسمّى حين الملاقاة والمحاضرة بـ «يوم الجمعة» فإنّ في ذلك الحين يجتمع الحبيب مع المحبوب ، ويتّصل العاشق بالمعشوق بحيث يرتفع التغاير ، وتتحقّق الوحدة الحقيقيّة ، كما قال : إن لله لأوليائه لشرابا إذا شربوا منه سكروا ، وإذا سكروا طربوا ـ إلى أن قال ـ وإذا اتّصلوا وصلوا ، وإذا وصلوا لا فرق بينهم وبين حبيبهم.
وقال : لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه ، فإذا أحببته كنت
__________________
(١) يونس : ٦٢.
(٢) التحصين ، لابن فهد : ٢٥.