سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه ، فبي يسمع ، وبي يبصر ، وبي يبطش ، وبي يمشي ، وبي ينطق. انتهى.
وهذا السرّ فيما قال الله تعالى ليلة المعراج لمحمّد صلّى الله عليه وآله حيث أدخله في لجّة التوحيد : أنت الحبيب ، وأنت المحبوب. أي لقد ارتفع التعيّنات الغيريّة ، والحجب العرضيّة بحيث لا واسطة بيني وبينك. كيف وقد فزت بمقام الوصال والاتّصال ، والتذذت بسبحات الجمال والجلال ؛ كما قال : إنّ لنا مع الله حالات ، حالة نحن هو وهو نحن ... إلى آخره.
ء أنت أم أنا هذا العين في العين |
|
حاشاي حاشاي عن إثبات اثنين |
ويدلّك على ما قرّرناه من أنّ العبد بعد كشف السبحات ومحو الموهومات ، وهتك الأستار دون نور الأنوار يتجلّى له الحقّ ، أي حقيقة نورانيّة المشيّة الّتي في جوهرته ، فإنّه ما من شيء إلّا وقد لاح في كينونيّته نور المشيّة ، فإذا ارتفع الغواشي الحاجبة عن مشاهدته يتشعشع ذلك النور في بصيرته ، فيراه ويفوز به ، ويعرف قدر جوهرته فيعرف ربّه ، فإنّ ذلك النور يربّيه لما هو في هويّته.
وهذا معنى ما قال : من عرف نفسه فقد عرف ربّه (١). أي من فاز بجوهر هويّته وما أودع فيه من نور المشيّة فقد تيقّن بأنّ له ربّا يربّيه ويربّي جوهرته.
وهذا معنى الاتّصال بالحقّ والفوز بوصاله ، لا ما زعمته «الواصليّة» من الصوفيّة من أنّ الذات البحت القديم الّذي لا إله إلّا هو يتجلّى للعارف ، فيراه
__________________
(١) مصباح الشريعة : ١٣ ، متشابه القرآن ١ : ٤٤ ، عوالي اللآلي ٤ : ١٠٢.