فكلّ ذلك من الأمر والنهي منسوب إليه ، فهو الآمر وهو الناهي ، وهو الداعي ، وهو البشر ، وهو النذير ، وهو المنزّل للآيات ، وهو المدّعي بالمعجزات في سلسلة الممكنات ، وهو الأوّل والآخر والظاهر والباطن لا شيء سواه في الوجود ، وفي عوالم الشهود ، فإطلاق المنزّل على جبرئيل كما قال : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلى قَلْبِكَ) ... (١) إلى آخره. وقال : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) ... (٢) إلى آخره ، مجاز معلوم ، وحقيقته إطلاقه على الحقّ الّذي هو الفاعل الأوّل ، والمبدأ الأعلى الّذي هو المنشأ للعلل والأسباب ؛ كما قال : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) ... (٣) إلى آخره. وقال : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (٤).
وقال : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ) (٥) والآيات الّتي انتسب فيها التنزيل إلى نفسه كثيرة لا تحصى.
الثانية : في التعبير عن ذاته الشريفة بما يستلزم التعدّد تعظيم لنفسه ؛ إذ كثيرا ما يستعمل الجمع في مقام المفرد تعظيما وتفخيما ؛ كما قال : (نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٦).
__________________
(١) الشعراء : ١٩٣ ، ١٩٤.
(٢) النجم : ٥.
(٣) البقرة : ٢١٣.
(٤) القدر : ١.
(٥) الإسراء : ٨٢.
(٦) الحجر : ٩.