وسئل عن قوله تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (١) قال : أما والله أن كان أعمالهم أشدّ بياضا من القباطيّ ، ولكن إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه (٢).
السادس : أن يذكر الله بالتفكّر في صنائعه وآلائه ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : نبّه بالتفكّر قلبك ، وجاف عن الليل جنبك ، واتّق الله ربّك (٣).
وهذا التفكّر إنّما يكون لكلّ أحد بحسب عقله وفهمه ورتبته ، فتفكرّ أولي الألباب إنّما يكون في أفعال الله وعجائب صنعه ، وبدائع أمره في خلقه ، وما ينبّه على جلاله وكبريائه وتقدّسه وتعاليه ، وفي بسط نعمائه وأياديه ، وما يدلّ على كمال علمه وحكمته وقدرته ونفاذ مشيّته ، وإحاطته بالأشياء ونحو ذلك ، قال الله : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) إلى قوله (فَقِنا عَذابَ النَّارِ) (٤).
وقال : (وَمِنْ آياتِهِ) (٥) في مواضع كثيرة من القرآن ، فتلك الآيات هي مجاري التفكّر في الله ، وفي قدرته ، وفي أمره ، وتفكّر المتوسّطين إنّما يكون في المعاملة بينهم وبين ربّهم في حسناتهم وسيّئاتهم ، وفيما يفعل بهم من اللطف والإحسان والحلم والعفو وغير ذلك ، فإنّه إذا تفكّر العبد في حسناته هل هي تامّة أو ناقصة ، موافقة للسنّة أو مخالفة لها ، خالصة عن
__________________
(١) الفرقان : ٢٣.
(٢) الكافي ٢ : ٨١.
(٣) الكافي ٢ : ٥٤.
(٤) آل عمران : ١٩٠ ـ ١٩١.
(٥) الروم : ٢٠.