ويدلّ على ذلك التفسير ، تفسير «الإنسان» في قوله : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (١) بـ «عليّ عليه السلام». أي : حمل «عليّ» الولاية الخاصّة واتّصف بها ، وكان مظلوما لتصدّي غيره الغير المستحقّ لبعض خواصّها ، مجهول القدر والمقام بين أكثر الناس.
فإنّهم لو كانوا عرفوه بالنورانيّة والروحانيّة لما اختاروا غيره عليه ، وما جعلوا غيره متبوعا!
فإنّ مقامه عليه السلام مقام ساذجيّ لا يدركه ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان سوى الإجمال منه ، كدرك الأدنى مقام الأعلى ، وذلك واضح ، فمن أدرك مقامه عليه السلام ورتبته في القرب ولو إجمالا لا يصطفي عليه غيره بحقيقة الإيمان ، فإعراضهم عنه عليه السلام ونصبهم غيره دليل بيّن على أنّهم ما عرفوا نورانيّته فضلّوا ولم يهتدوا سبيلا.
وهذا التفسير أيضا ممّا لم يذكره أحد من المفسّرين ، فاغتنم وكن من الشاكرين.
قال الله جلّ برهانه : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً).
أقول : ليس المراد من «الإنسان» في تلك الآية المشيّة التي عبّر عنها بـ «الإنسان» في الآية المتقدّمة ، لأنّها كما عرفت ما خلقت من النطفة ، بل
__________________
(١) الأحزاب : ٧٢.