هذه فقد غلبتها وكسرت صولتها ، فحينئذ تفوز بما أعدّه الله للمجاهدين والمخالفين للنفس على أنّ القلب في الليل ذاهل غالبا عن أكثر التعلّقات الّتي تشغله في اليوم عن مناجاة الحقّ ، فربّما تحصل له الخلوة مع الحقّ المحبوب ، فيلتذّ بمقام الأنس ، ومحلّ القدس ، على أنّ العبادة في الليل أخلص من شوائب الرياء والشرك ، وأصفى عن شؤونات الكفر والوساوس.
قال طاووس الحرمين : إصلاح الإنسان في خمسة أشياء :
الاعتزال عن الخلق.
وسهر الليل.
والجوع الدائم.
وقراءة القرآن.
وذكر الموت.
وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله في وصيّته لعليّ عليه السلام : يا عليّ ، صلّ بالليل ولو ركعتين ، فإنّ المصلّي بالليل أحسن وجوها بالنهار.
وفي «العدّة» : إنّ العبد ليقوم في الليل فيميل به النعاس يمينا وشمالا ، وقد وقع ذقنه على صدره ، فيأمر الله أبواب السماء تنفتح ، ثمّ يقول للملائكة : انظروا إلى عبدي ما يصيبه في التقرّب إليّ لما لم أفترضه عليه ؛ راجيا منّي ثلاث خصال : ذنبا أغفره ، أو توبة أجدّدها له ، أو رزق أزيده ، اشهدوا ملائكتي أنّي قد جمعتهنّ له (١).
وعن الباقر عليه السلام قال : كان فيما أوحى الله إلى موسى : كذب من
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٢١ ، ثواب الأعمال : ٤٢.