فعملوا بالتأويل ، وتركوا الظاهر ضلالا عن السبيل.
ألا تراهم يؤوّلون إقامة الصلاة بإقامة الولاية لعليّ عليه السلام ، وهو [و] إن كان من التأويلات المقبولة ، إلّا أنّهم يدّعون عدم إرادة الظاهر أصلا ، فلا يوجبون الصلاة الظاهريّة لعنهم الله.
وكذا يؤوّلون الصيام بالإمساك عن محبّة غير الله ، والإعراض عن غير ولاية الله.
والزكاة بتزكية النفس عن الأخلاق الرذيلة.
والحجّ بالدخول في حرم قرب الله ، وقصد الاتّصال بعين جذب الله.
والوضوء بتخلية القلب وتطهيره عن دنس العيوب.
والغسل بصرف الالتفات عن غير الله.
وهكذا يؤوّلون جميع ألفاظ القرآن والسنّة ، ويدّعون أنّ المراد بها غير معناها الظاهريّ المتبادر إلى أفهام العامّة ، وعلى تأويلها جرت أعمالهم ؛ بمعنى أنّهم تركوا رعاية الأعمال الظاهريّة ، وادّعوا الفوز بالألباب ، والاستغناء عن قشور الأصحاب.
وبعضهم زعموا أنّ الظاهر من القرآن إنّما هو تكليف أهل الظاهر ، فإنّهم لا يدركون أزيد من ذلك ، فلا يكلّفون إلّا وسع أنفسهم ، وما هو في إمكانهم واستعدادهم.
وأمّا أهل الباطن ، فغير مكلّفين بالظاهر أصلا ، بل تكليفهم العمل بالباطن ، وهؤلاء لقد ضلّوا عن السبيل ، وما اقتفوا بالدليل ، أو ما رأوا الأنبياء والكمّل كيف ما تركوا المواظبة على الأعمال الظاهريّة أصلا.