والقول بأنّ ذلك كان تعليما منهم للعوامّ ، يردّه عدم اطّلاعنا بإباحتهم ترك تلك الأعمال لأصحابهم الخواصّ الّذين كانوا من أهل خلوتهم وأسرارهم.
كيف ولو كان ذلك مرويّا عنهم لاطّلع عليه سلسلة أهل الحقيقة والباطن ، مع أنّ الصافين منهم لا يقولون به أصلا.
وتفصيل المقال موجب للتطويل ، وقد أشرنا إلى فساد عقائدهم في كتابنا الكبير المسمّى بقماميس الدرر وغيره.
الخامس : اليقين ، وهو العرفان بالاعتقاد على الوجه الكامل ، وقد عرفت مراتبه.
السادس : الأنس ، وهو ما يوجب الراحة بالجمعيّة ، والنجاة من التفرقة والوحشة.
السابع : الذكر ، وهو التخلّص من الغفلة. والنسيان ، وهو يحصل بنسيان النفس ، والتوجّه إلى الجهة العليا ، وهي جهة العبد مع الحقّ ، والإغماض عن الجهة السفلى الّتي هي جهته مع المهيّة الظلمانيّة.
الثامن : الفقر ، وهو أن لا يرى الملك إلّا لله ، فيقطع بأنّه لا يملك نفسه لكونه عبدا ، ولا ملك للعبد ، فهو وما ينتسب إليه كلّه لله.
ولذا قيل : من لم يخرج عن نفسه لله ، ولم يصل إلى حقيقة معنى قوله (أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) (١) أي ذاتي وهويّتي له تعالى فقد ادّعى الملك ، ولم يصحّ له الفقر.
__________________
(١) آل عمران : ٢٠.