وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه تعالى قال : لا يتّكل العاملون لي على أعمالهم الّتي يعملونها لثوابي ، فإنّهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصّرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي ، والنعيم في جنّاتي رفيع الدرجات العلى في جواري ... (١) إلى آخره.
اختتام
لا بأس بالإشارة الإجماليّة إلى كشف القناع عن الحديث المشهور من أنّ : الشقيّ من شقى في بطن أمّه ، والسعيد من سعد في بطن أمّه (٢).
فنقول : المراد ببطن الامّ هو عالم الماهيّة الّتي هي محلّ الاستعدادات المختلفة ، وهي المنفعلة بفعل الإيجاد ، والقابلة لنور الوجود في عالم الشهود ، ولذا عبّر عنها ببطن الأمّ كما يعبّر عن الوجود الطارئ بالأب ، والمناسبة ظاهرة.
فحاصل المعنى : إنّ الله تعالى ما أجبر عباده على شيء من الشقاوة والسعادة ، بل الشقيّ في عالم الشهود لقد كان مهيّته في عالم الغيب والأزل مستعدّة للشقاوة ، مقتضية لها ، وبالوجود برز استعدادها لها ، فإنّه شرط لتأثير المهيّة كما ثبت في محلّه ، وكذلك السعيد في ذلك العالم هو الّذي استعدّت هويّته في عالم الأزل للسعادة عند الإيجاد ، فما ظلم الله عباده أصلا لما مرّ من أنّ المهيّات ليست مجعولة ، والعلم بالشيء ليس جعل ذلك الشيء بالضرورة.
__________________
(١) الكافي ٢ : ٦٠ ، ٧١.
(٢) تفسير القمّيّ ١ : ٢٢٧ ، التوحيد : ٣٥٦.