وقيل بأنّ المستحبّ الشرعي أيضا حكم شرعي ، فيتوقّف على الثبوت من الشرع ، كسائر الأحكام.
وأجاب عن الأخبار المذكورة ، بأنّ المراد من بلغه شيء من الثواب على عمل شرعي ثبت شرعيّته ، فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه ، وإن لم يكن الحديث في الثواب كما بلغه (١).
وفيه ، أنّه تقييد من غير دليل ، سيّما مع أنّ الأصحاب فهموا على ما هو الظاهر منها ، فيقوى الظهور غاية القوّة ، مع أنّك عرفت أنّ وجه المسامحة غير منحصرة في هذه الأخبار.
واعترض آخر على المستدلّ بها ، بأنّ غاية ما يستفاد منها أنّ الله تعالى يعطي الثواب ، وأين هذا من الاستحباب؟ لأنّه رجحان الفعل مع تجويز الترك (٢).
وهذا الاعتراض أيضا ليس بشيء ، لأنّ الفعل إذا كان في فعله ثواب من الشرع ، فلا شكّ في أنّه ليس مساويا لتركه ، بحيث لا يكون فيه رجحان على الترك ، كيف وبإزائه الثواب الموعود من الشرع؟ فكيف لا يصلح هذا للرجحانيّة؟ وأيّ رجحان أولى منه في المستحبّات؟ بل الرجحان فيها مداره عليه.
واعترض آخر بأنّ هذه الأخبار وإن دلّت بظواهرها على قبول خبر ناقل المستحبّ أعمّ من أن يكون عادلا أو فاسقا ، إلّا أنّ الآية الشريفة (٣) دلّت على عدم قبول خبر الفاسق ، أعمّ من أن يكون في المستحبات أو غيرها ، فالتعارض بينهما ليس من باب الخاصّ والعام ، بل من باب العموم من وجه ، فكلّ منهما يصلح لأن
__________________
(١) الدرر النجفيّة : ٢٢٨.
(٢) الدرر النجفيّة : ٢٢٨.
(٣) الحجرات (٤٩) : ٦.