حجّة الأكثر إطلاق الصحيحة المتقدّمة (١) ، وفيه نظر من وجهين :
أمّا أوّلا ، فبأنّ لفظ «الشهر» كالمجمل ، إذ لا يتبادر منه كونه ثلاثين بخصوصه ، أو تسعة وعشرين كذلك ، بل يحتمل الأمرين ، وورد الحسنة ـ التي هي حجّة عند الكلّ ـ حيث استندوا في خصوص الثلاثين إليها ، ولفظ «الثلاثين» في الحسنة كالمبيّن ، فيجب حمل المجمل على المبيّن ، لما تقرّر في الأصول من وجوب حمل المجمل على المبيّن بعد التقاوم ، وقد حصل هنا ، فتأمّل!
وأمّا ثانيا ، فلأنّ لفظ «الشهر» وإن كان مطلقا ، إلّا أنّ شموله لهذه الصورة محلّ تأمّل من حيث ندرتها ، لما تقرّر في الأصول من وجوب حمل المطلقات على الشائع دون النادر ، ولا شكّ أنّ المتعارف الكثير الوقوع حصول التردّد في عرض أيّام الشهر ، لا حصوله في خصوص اليوم الأوّل.
هذا ، بل ربّما كان المتبادر بحسب العرف من هذه الجهة من لفظ «الشهر» هنا ثلاثين يوما ، وإن فرضنا أنّ المتبادر من المطلق هو القدر المشترك بين الهلالي والعددي الذي هو ثلاثين يوما.
وبالجملة ، البناء على كون المراد من الشهر خصوص الهلالي فاسد ، لفساد حمل المطلق على خصوص الصورة النادرة ، فضلا عن المطلقات ، لأنّ ما دلّ على الشهر كثير ، ولأنّ الأصل عدم القيد ، فضلا عن القيود ، وهي قيد الهلاليّة ووقوع التردّد في أوّل الشهر لا غير ، مضافا إلى إشعاره حينئذ بأنّ الحكم مخصوص بهذه الصورة خاصّة ، وفيه ما فيه.
والبناء على أنّ المراد هو المعنى الأعم على فرض صحّته ، يلزم تجويز البناء على كلّ واحد منهما في جميع الصور ، وفيه أيضا ما فيه ، فتأمّل جدّا!
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٥٠٣ الحديث ١١٢٩١.