«الصحاح» جدّ الشيء يجدّ ـ بالكسر ـ صار جديدا (١) ، وكذا في غيره من كتب اللغة (٢).
فالمراد إذا انقطع السير السابق وتجدّد به سير لاحق ، وليس ذلك إلّا بحيلولة عشرة أيّام.
ويمكن أن يكون أخذه من الجدّ بمعنى الاجتهاد ، بأنّ يراد المشقّة التي هي فيه ، وذلك لأنّ علّة القصر هي المشقّة ، كما عرفت.
وإذا صار عادة تزول مشقّته أو تقلّ ، بخلاف ما إذا لم يكن ، ولذا من كان بيوتهم معهم لا يشقّ عليهم ، وكذا كثير السفر الذي صار كأنّه عادته من كثرة الاختلاف ، وإذا انعدمت الكثرة تتحقّق المشقّة ، وانعدامها بمكث عشرة أيّام ، وتصير في نظر الشرع بمنزلة الحاضر الذي ينشأ السفر ، لما عرفت من أنّه جعل المقيم عشرا بمنزلة المتوطّن.
فكما أنّ المتوطن إذا سافر يشقّ عليه السفر بمكثه ، فكذا المقيم عشرا في نظر الشرع ، وإذا لم يقم يكثر سفره ، وإذا كثر اعتاد بالتعب في نظر الشرع ، فلا يقصّر.
ولا يبعد حمله ـ سيّما بملاحظة أنّ الأخبار بعضها وردت بالأمر بالتمام مطلقا (٣) ، وبعضها بالقصر كذلك (٤) ، وبعضها بالتفصيل بأنّه إن أقام عشرا قصّر ، وإلّا أتمّ (٥) ، فهو وجه جمع منصوص منهم عليهمالسلام ، والأصحاب أفتوا به ، كما ستعرف.
بل فهموا من ملاحظة هذه الأخبار وغيرها أنّ المعتبر في الإتمام هو كثرة
__________________
(١) الصحاح : ٢ / ٤٥٤.
(٢) المصباح المنير : ١ / ٩٢ ، لسان العرب : ٣ / ١١١ ، مجمع البحرين : ٣ / ٢٣.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٤٨٤ الباب ١١ من أبواب صلاة المسافر.
(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩٠ الباب ١٣ من أبواب صلاة المسافر.
(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٤٨٨ الباب ١٢ من أبواب صلاة المسافر.