والفقهاء اتّفقوا على اعتبار الكثرة والأكثريّة ، بل وجعلوهما المعيار إلّا قليل منهم ، واعتبر كلّهم عدم تحقّق إقامة عشرة على ما دلّ عليه رواية يونس وابن سنان.
وبعد ملاحظة جميع ما ذكر ، لعلّه لم يبق استبعاد في كون المراد من «جدّ السير» بعد قول الراوي : يختلفون ، هو ما ذكرنا من الشروط ، نظير قوله عليهالسلام : «ليس له مقام» بعد قوله عليهالسلام : «يختلف» أو غيره ممّا ذكر.
مع أنّ أخبارهم : يفسّر بعضها بعضا ، فيكون المراد عدم إقامة عشرة ، كما هو الحال بالنسبة إلى الأحاديث السابقة.
مع أنّ جدّ السير ليس له حدّ مضبوط معيّن حتّى يستأهل لجعله المعيار في وجوب القصر والإفطار وحرمة الصوم والتمام ، فإنّه في نفسه أمر مقول بالتشكيك ، مع عدم ضبط في مقداره ، وعدم تعيين لآخره.
فلعلّه لما ذكر أعرض الفقهاء (١) عن الفتوى بالصحيحين بجعلهما وجها آخر للقصر ، واتّفق كلّهم في تأويلهما ، واختلفوا في كيفيّة التأويل.
قوله : (وأن يكون جائزا له). إلى آخره.
هذا أعمّ من أن يكون واجبا كحجّة الإسلام ، أو مندوبا كزيارة النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ، أو مباحا كالتجارة المباحة ، أو مكروها كسفر يوم الجمعة بعد طلوع الفجر قبل النداء.
وهذا الشرط أيضا إجماعي ، نقل الإجماع المحقّق والعلّامة وغيرهما (٢).
__________________
(١) مختلف الشيعة : ٣ / ١٠٧ ، ذكرى الشيعة ٤ / ٣١٧ ، روض الجنان : ٣٩٠ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٤٥٦.
(٢) المعتبر : ٢ / ٤٧٠ ، تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣٩٥ ، منتهى المطلب : ٦ / ٣٤٦ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٤٤٥ ، ذخيرة المعاد : ٤٠٩.