أفراده المتبادرة ، والإتمام مستصحب حتّى يثبت خلافه ، بل صورة التردّد أيضا لا تخلو عن إشكال ، فتأمّل!
ولعلّ حكمه رحمهالله كذلك ، من جهة أنّ خفاء الجدران رأسا غير معتبر قطعا ، إذ ربّما لا يخفى في المسافة وأزيد منها ، فلذا حمله على ما ذكر.
وقال في «شرح اللمعة» : المعتبر. صورة الجدار والصوت ، لا الشبح والكلام (١) ، انتهى.
وفي كلام [الشيخ] مفلح نظر ، لأنّه قياس عبارة بعبارة ، وهو غير معتبر عند الكلّ.
مع أنّ الوارد في الصحيح هو التواري عن الجدران ، لا تواري الجدران عنه ، إلّا أنّ الأصحاب كلّهم سوى الشهيد في «اللمعة» (٢) اعتبروا تواري الجدران (٣).
ويمكن أن يكون منشأه أنّ المكلّف لا يدرك تواري نفسه عن الجدران إلّا بعض منهم على سبيل التخمين في بعض الأوقات ، فكيف يجعله الشارع معيار وجوب قصره وإتمامه لهم بأجمعهم؟ مع أنّ الاعتماد على التخمين خلاف الأصل وظاهر الحديث.
والتواري من باب التفاعل مأخوذ فيه كون التفاعل من الطرفين ، وإن كان أحدهما فاعلا والآخر مفعولا ، كما أنّ باب المفاعلة أيضا مأخوذ فيه كونها من الطرفين ، وإن كان أحدهما فاعلا والآخر مفعولا.
فالمراد من الصحيح أنّه «إذا توارى من البيوت» فلا جرم تكون البيوت
__________________
(١) الروضة البهيّة : ١ / ٣٧٥.
(٢) لاحظ! اللمعة الدمشقيّة : ٣٩ ، تنبيه : أنّ الشهيد ليس منفردا في فتواه ، بل وافقه السبزواري في «ذخيرة المعاد : ٤١١» ، البحراني في «الحدائق الناضرة : ١١ / ٤٠٥ و ٤٠٦» لاحظ! مفتاح الكرامة : ٣ / ٥٤٩.
(٣) المعتبر : ٢ / ٤٦٨ ، مختلف الشيعة : ٣ / ١٣٠ ، جامع المقاصد : ٢ / ٥١١.