أيضا متوارية فيعتبر المكلّف تواريها عنه ، وليس المراد تواري الشبح قطعا وإجماعا ، فتعيّن تواري الصورة ، فتأمّل!
وأيضا لو كان المراد تواريه عن البيوت لاحتاج إلى تقدير في الكلام ، وهو ناظر البيوت ، أو من في البيوت وأمثالهما ، والأصل عدم التقدير ، فإنّ من جعل الحدّ تواري المسافر عن البيوت كالمصنّف وموافقيه ، جعل الطرف الآخر في التواري هو ناظر البيوت لا نفس البيوت ، بخلاف الأصحاب فإنّهم جعلوه نفس البيوت ، كما هو الظاهر من الحديث ، فلذا اعتبروا تواريها.
مع أنّ المناسب حينئذ أن يقول عليهالسلام : يتوارى من في البيوت عنه ، لما عرفت من أنّه تعريف له في بلوغه حدّ الترخّص ، لا أنّه تعريف لأهل البيوت ، فإنّ معرفتهم ذلك كيف ينفعه؟ إلّا أن يكون تخمين ، وقد عرفت حال التخمين.
مع أنّه على تقدير حصول المعرفة على سبيل التحقيق ، فلا وجه لحوالته على التخمين مع ما عرفت ، وستعرف أيضا ما هو في التخمين.
ووجه تمكّنه من المعرفة على سبيل التحقيق أنّه إذا نظر إلى البيوت ولم ير أحدا فيه ، علم أنّه أيضا توارى عنهم ، لأنّ الأنظار والأشخاص واحدة.
مع أنّك ستعرف أنّ المعتبر هو الخفاء عن نفس البيوت ، لا عن ناظرها لأنّ هذا القصر لا يجب إلّا على المسافر ، وهو في مقابل الحاضر ، والمعتبر حضور بيته ومنزله على ما عرفت.
وينبّه عليه أيضا قولهم عليهمالسلام : «الأعراب يتمّون ، لأنّ بيوتهم ومنازلهم معهم» (١) ، فالمعتبر هو الغيبة عن نفس البيوت والمنازل ، لا عن أهلها ، إذ ربّما كان أهله معه في السفر ، مع أنّه غير حاضر ، والتواري هو الغيبة ، والغائب في مقابل
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٨٥ الحديث ١١٢٣٧.