الحاضر ، ولهذا عبّر الشارع كذلك ، ولم يقل : يتوارى عنه البيوت ، وتغيب عنه ، وإن كانا بالمآل واحدا.
وممّا يؤكّد كون المعتبر هو التواري عن نفس البيوت ، أنّ مثل الهائم إذا قصد المسافة في أثناء سفره يقصّر من دون اعتبار حدّ الترخّص ، كما يظهر من الخبر (١) ، وكذلك المتصيّد لهوا إذا قصد في أثناء السفر المباح ، كما يظهر من خبر آخر (٢) ، كما ستعرف ، فتأمّل!
ويمكن أن يقال : لو كان خفاء الصوت معتبرا لكان المعصوم عليهالسلام يقول : إذا لم يسمع صوت أهل البلد يقصّر ، فالتعليق على الأذان دليل على اعتبار صورة الصوت ، وعدم كفاية الصوت ، فيكون هذا شاهدا آخر على إرادة المعنى الالتزامي من تواريه عن الجدران ، لما عرفت من أنّه لا بدّ من اتّحاد المسافة في الأمارتين ، إذ خفاء شبح الشخص عن أهل البيوت لعلّه لا يناسب مسافته مسافة خفاء صورة الأذان لا مجرّد الصوت ، سيّما وأن يكون هذا على سبيل التخمين ، إذ كيف تطمئنّ النفس بأنّه خفي عن أهل البيوت ، سيّما وأن يكون المراد من البيوت ، البيوت التي في منتهى البلد والقرية ، وخصوصا بعد عدم معلوميّة كون ناظر البيوت على سطوح بيوتهم وفوق الجدران ، أو على الأرض ، وعدم مضبوطيّة قدر الارتفاع والانخفاض وغير ذلك ، مع عدم مناسبة التخمين مع التحقيق ، والصورة مع الشبح ، فتأمّل جدّا!
ويمكن أن يكون ما ورد من أنّ ابتداء القصر إذا توارى عن البيوت ، حكم ذلك بحسب نفس الأمر ، وبيان اللم والحكمة في اعتبار حدّ الترخّص هو أنّه متى لم
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦٩ الحديث ١١١٩١.
(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٨٠ الحديث ١١٢٢١ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ١١ / ٣٨٤ و ٣٨٥.