ومعلوم على سبيل اليقين أنّ أهل أطراف الرسول صلىاللهعليهوآله كانوا يصلّون جماعة في فرائضهم بلا شبهة ، وما كانت صلاتهم مقصورة في الفرادى بلا شكّ ، وكان في القرى والجماعات ما يزيد عن الخمسة والسبعة بلا شبهة.
وفي غاية الظهور أيضا أنّ من زاد بعده عن القدر المذكور لم يكن عليه جمعة أصلا ، كما ينادي به قوله : «فلا شيء عليه» (١) وأمثال هذه العبارة.
وأين هذا من القول بكون وجوبها عينا على كلّ سبعة أحدهم قابل لإمامة الجمعة ، قادر أن يقول : الحمد لله ، والصلاة على محمّد وآله ، واتّقوا الله ، ويقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) مثلا؟
وأعجب من هذا أنّهم يستدلّون بأمثال هذه الأحاديث على مطلوبهم ، ولا يتفطّنون بأنّها عليهم لا لهم ، ولو أغمضنا عن هذا ، فلا يكون لا لهم ولا عليهم.
وأمّا أنّها لهم لا عليهم ، ففي غاية الغرابة ، مع أنّ استدلالهم ليس إلّا بأنّ هذه الأخبار مطلقة ، ولا يدرون أنّه لا بدّ لهم من التقييد.
والكلام إنّما هو في القيد ، بل ربّما لا يحتاج المشهور إلى قيد أصلا ، لأنّ نصب الإمام عليهالسلام ـ غالبا ومتعارفا ـ لم يكن بحيث يحتاج إلى القيد وارتكاب خلاف الظاهر.
بل قال ابن أبي عقيل : صلاة الجمعة فرض على المؤمنين حضورها مع الإمام في المصر الذي هو فيه ، وحضورها مع امرائه في الأمصار والقرى النائية ، ومن كان خارجا من مصر أو قرية إذا غدا من أهله بعد ما يصلّي الغداة فيدرك الجمعة مع الإمام ، فإنّ الجمعة عليه فرض ، وإن لم يدركها فلا جمعة عليه (٢).
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٠٩ الحديث ٩٤٣٢ مع اختلاف يسير.
(٢) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٢٧.