وهذا صريح في أنّها منصب حكّام (١) الإمام.
والمعهود المتعارف عدم نصب حاكمين في فرسخين ، بل أزيد منهما بكثير ، مع أنّ من قال : يجب على جميع الأطراف المزبورة أن تشهدها ، يكون النصب أيضا منه ، فلعلّه لا ينصب حاكمين حتّى يضرّ ذلك القول ، وما يستفاد منه حقيقة وظاهر أو الأصل حمل الكلام على الحقيقة والظاهر حتّى يثبت خلافه ، ولم يثبت ، بل ذلك القول منه في قوّة أن يقول : ما أنصب حاكمين فيهما ، مضافا إلى ما عرفت من القرائن.
وأمّا جواز الجمعتين إذا كان بينهما فرسخ ، فهو حكم نفس المسألة من حيث هي هي ، لا بملاحظة المعهود المتعارف في النصب ، إذ الجمعة غير منحصرة في الوجوب العيني.
ومع ذلك ربّما يتحرّك المنصوبون الذين هم الحكّام من مواضعهم المنصوبة فيها ، إذ لا شكّ في عدم نصب حاكمين عادة في فرسخ أو فرسخين ـ مضافا إلى ما عرفت ـ وإلّا ربّما يقع النزاع في تقديم أيّهما ، ويحصل الإشكال.
وقد عرفت أنّ النصب لحسم مادّة النزاع في هذه المرتبة العظيمة ، سيّما وإذا انضمّ إليها نفس الحكومة وباقي مناصبها.
فلعلّ الإيجابات بناء على المقرّر المعهود ، وصحّة الجمعتين إذا كان بينهما فرسخ بناء على ما إذا عرض ما يمنعه ، كما كان يعرض للحكّام كثيرا لنظم امور الحكومة وغيرها ، ويعرض للرعيّة أكثر ممّا يمنعهم عن إدراك جمعة حاكمهم وإمامهم.
ولذا وقع في الأخبار السؤال عنه ، وعن عدم درك صلاة عنده ، وأجابوا بما
__________________
(١) لم ترد في (ز ٣) : حكّام.