إذ صريحها أنّ خروجه عن وطنه لأجل حاجة ، فيسير خمسة أو ستّة لا أزيد ، فينزل ولا يرجع من يومه ولا ليلته ، بل يسير خمسة أو ستّة اخرى ، والمعصوم عليهالسلام حكم بالإتمام وعدم كونه مسافرا من دون استفصال في أنّه وإن كان لا يريد الرجوع ليومه ، إلّا أنّه هل له إرادة الرجوع إلى وطنه بعد سير الخمسة أو الستّة الثانية ، أم ليس له قصد الرجوع أصلا ورأسا؟ أو أنّه مع قصده الرجوع ، هل له قصد إقامة عشرة في ظرف المسافة أم لا؟ مضافا إلى أنّ عدم قصده الرجوع أصلا ورأسا ، بعيد غاية البعد.
بل عرفت من الأخبار وغيرها أنّ الأربعة المطلقة تنصرف إلى ما هو الغالب المتعارف ، وهو عدم هجر الوطن وقصد التوطّن في موضع آخر ، أو مطلقا.
بل عرفت صراحة هذه الرواية في أنّ خروجها لأجل حاجة لا لأجل الهجر والإعراض عن وطنه.
وحملها على أنّ وجوب إتمامه وعدم كونه مسافرا من جهة قطعه سفره بأحد القواطع ، وجعله سفرين متعدّدين ، فيه ما فيه.
فتعيّن أنّ عدم كونه مسافرا ، وأنّ عليه الإتمام ، ليس إلّا من جهة عدم تحقّق ثمانية ذهابيّة ، أو ملفّقة من الذهاب والإياب الواقعين في يوم واحد.
والموثّق حجّة على المشهور ، سيّما مع انجباره بموافقته لفتوى المشهور ، مع أنّ ما نقلناه من الإجماع عن «الأمالي» (١) ، لا يقصر عن خبر واحد صحيح لو لم يزد عليه ، بل لا خفاء في أنّه يزيد عليه بالقياس إلى مثل ما ذكرناه ، والأخبار بعضها يقيّد بعضا ، ويصير قرينة على بعض.
وعلى ذلك المدار في الآيات والأخبار ، فإشعار رواية ابن مسلم أيضا يتقوّى
__________________
(١) أمالى الصدوق : ٥١٤.