من تلك العبارة وغيرها وتمنعه عن الاضمحلال ، ولهذا ترى الفحول تلقّوا بالقبول.
لا يقال : يمكن أن يكون المراد في موثّقة عمّار هو الهائم (١) ، بقرينة موثقته الاخرى الواردة في الهائم (٢).
لأنّا نقول : موثّقته الاخرى أمر فيها بالقصر بعد ثمانية فراسخ ، فكيف هنا أمر عليهالسلام بالإتمام بعد اثني عشر فرسخا؟
مع أنّ الضمير في قوله عليهالسلام : «لا يكون مسافرا» يرجع إلى الرجل الذي سأل عن حاله ، فيلزم منه أنّه لو سار ثمانية لكان مسافرا عليه القصر ، كما في موثّقته الاخرى ، فلم أمر بالإتمام بعد اثني عشر؟
وأيضا لو كان هائما ، لكان يقول : لا يكون مسافرا حتّى يكون ما سألت من السير عن قصده ، لما عرفت من أنّ قصد الأربعة يكفي ، فكيف إذا قصد ستّة؟
هذا ، مضافا إلى ترك الاستفصال المفيد للعموم.
هذا غاية ما يمكنني الاعتذار لهم ، ويمكن أن يكون مستندهم أمرا آخر به فهموا من الأخبار التي ذكرناها الرجوع ليومه ، ولذا استدلّوا بها ، والعلم عند الله تعالى.
وممّا ذكرنا ظهر مستند ابن أبي عقيل على ما ذكره المصنّف ووافقه ، فإنّهما ما عملا بـ «الفقه الرضوي» (٣).
وعرفت أنّ المستفاد من الأخبار التي ذكرناها أنّ البريدين وثمانية فراسخ أعمّ من أن يكون بامتداد واحد أو بامتدادين كلّ واحد منهما أربعة ، أحدهما
__________________
(١) الهائم : هو الذاهب على وجهه ، النهاية لابن الأثير : ٥ / ٢٨٩.
(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ٢٢٦ الحديث ٦٦٣ ، الاستبصار : ١ / ٢٢٧ الحديث ٨٠٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦٨ الحديث ١١١٩٠.
(٣) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليهالسلام : ١٥٩.