ولا سماع الأذان (١).
ولعلّ نظره رحمهالله إلى العلّة المنصوصة في أخبار الأربعة من أنّه إذا رجع صارت ثمانية ، ويكون ذكر ثلاثة فراسخ من باب المثال ، بأنّ الحكم يكون كذلك في فرسخين وأقلّ منهما أيضا ، إذا زاد التردّد بحيث يتحقّق ثمانية من مجموعه.
وفيه ما عرفت من أنّ المعتبر ليس مجرّد سير ثمانية ، بل لا بدّ من الذهاب عن البلد والبعد عنه ، وأنّه ليس معتبرا إلّا بمقدار أربعة فراسخ لا أقلّ منها ، كما هو صريح الأخبار في أنّه لا بدّ من الأربعة ، ولو لم يكن لا يجوز القصر.
وعرفت أنّ أحد شرائط القصر هو المسافة ، وعرفت أنّ المسافة التي شرط هي الثمانية ، أو الأربعة المذكورة باتّفاق الأخبار والفتاوى.
فلو كان سير الثمانية كيف كان كافيا ، لما كان لذكر الأربعة والبريد وجه ، بل كان اللازم أن يقول : أقلّ مسافة القصر ثمانية ، بأيّ نحو يطوي ، وإن كان ذهابها ربع فرسخ وأقلّ منه ، ولما قالوا عليهمالسلام : «بريد ذاهبا وبريد جائيا» (٢).
وأمثال هذه العبارة ، بل الأخبار كالصريحة في اعتبار البريد والأربعة ، بل بعضها صريح.
فعلى هذا لو سافر الهائم أقلّ من ثمانية لا يقصر وإن أراد الرجوع إلى بيته ومشى أزيد من سبعة فراسخ ثمّ قصد ذهاب قدر إذا انضمّ إلى إيابه المقصود يتحقّق الثمانية.
وكذا لو سافر بريدا هائما ثمّ نوى ذهاب بريد إلّا شيئا يتمّ ، وإن كان قصده
__________________
(١) تحرير الأحكام : ١ / ٥٥.
(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٠٨ الحديث ٤٩٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٢٣ الحديث ٧٩٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٥٦ الحديث ١١١٥٨.