الأقصر أتمّ في الذهاب ، وإن كان قصده الرجوع بالأبعد ، لما عرفت.
ثمّ اعلم! أيضا أنّ معرفة بلوغ المسافة شرط ، لأنّ الشكّ في الشرط يقتضي الشكّ في المشروط ، فإن حصلت فهي ، وإلّا فإن حصل الظنّ به من قول مخبر أو غيره فالأقرب اعتباره ، لعموم البلوى وشدّة الحاجة ، وكون المدار عليه بحسب الظاهر في الأعصار الماضية ، لعسر العلم واليقين غالبا.
ويحتمل كون حكمه حكم الشكّ ، ولو شكّ فيه فالمقطوع به في كلام الأصحاب الإتمام ، ولعلّ منشأه استصحاب الحالة السابقة حتىّ يحصل اليقين بخلافه ، وأنّ الأصل عدم تحقّق الشرط ، لأنّه من الحوادث ، أو التغليب جانب العموم ، لأنّ الظنّ يلحق بالأغلب ، والأحوط الجمع بين القصر والإتمام.
ثمّ إنّه قد عرفت أنّ معرفة المسافة بطريقتين.
الاولى : مسيرة يوم إلى الليل وبياض النهار بالسير المتوسّط والأثقال والجمال المتوسّط في النهار المتوسّط ، لانصراف الإطلاق إلى ذلك.
وثانيتهما : بالفراسخ والميل والذراع وغيرها ، على النهج الذي تقدّم.
فالمكلّف إن تمكّن من الاولى ، يتعيّن عليه اعتبارها ، وإن تمكّن من الثانية فالثانية ، وإن تمكّن منهما يتخيّر ، ويحتمل تعيين أقواهما وأضبطهما.
ولو اتّفق أنّه اعتبرهما فإن اتّفقتا ـ كما هو الأظهر والظاهر من بعض ـ فلا إشكال ، وإن اختلفتا اعتبر الأقلّ وقصّر ، لعموم الدليل وتحقّق الشرط وعدم مانع ، مع احتمال كون المعتبر هو الأقوى والأضبط (١) وهو الثانية ، وهذا هو الأقوى عندي في المسألتين.
ولو رجع إلى منزله لأخذ شيء أو علّة اخرى ، قصّر في الطريق إن كانت
__________________
(١) في (ط) : والأحوط.