قصد الإقامة فيه ، وربّما يعدّ الزائد عنه بكثير وهو الأكثر ، سيّما في البلدان الكبيرة والمتوسّطة ، فإنّ الخروج إلى بعض البساتين والمزارع المتّصلات والمقابر وأمثال ذلك لا يقدح في صدق الإقامة فيها عرفا ، وأيضا لزيادة المكث وقلّته تفاوت عرفا ، فربّما يقلّ ـ غاية القلّة ـ في البعيد ولا يقدح ، وربّما يكثر في القريب ويقدح.
وروى زرارة ـ في الصحيح ـ عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «من قدم مكّة قبل التروية بعشرة أيّام وجب عليه إتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكّة» (١) الحديث.
حكم عليهالسلام بوجوب الإتمام مطلقا ، سواء خرج من مكّة بجهة من الجهات أم لا ، فلو كان عدم الخروج شرطا لذكره ، إلّا أن يقال : العادة عدم الخروج ، فصار بمنزلة الشرط ، وهو كما ترى ، ولأنّه عليهالسلام ما نقل حالهم ، لكنّه جعله بمنزلة أهل مكّة ، وأهل مكّة لو خرجوا إلى ما دون المسافة لم يكن عليهم إلّا الإتمام ، فتأمّل جدّا!
ثمّ قال عليهالسلام : «فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير ، وإذا زار البيت أتمّ الصلاة وعليه إتمام الصلاة إذا رجع إلى منى حتّى ينفر» (٢).
قال في «الوافي» : إنّما يجب الإتمام عليه ، لأنّه لا بدّ له من إقامة عشرة حتّى يحجّ ، وإنّما وجب القصر إذا خرج إلى منى ، لأنّه يذهب إلى عرفات ، ويبلغ سفره بريدين ، وإنّما أتمّ إذا زار البيت ، لأنّ الإتمام بمكّة أحبّ من التقصير ، وإنّما لزمه الإتمام إذا رجع إلى منى ، لأنّه كان من عزمه الإقامة بمكّة بعد الفراغ من الحجّ ، كما يكون في الأكثر ، ومنى من مكّة أقلّ من بريد.
ثمّ قال : وفيه نظر ، لأنّ سفره إلى عرفات هدم إقامته الاولى ، وإقامته الثانية
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٥ / ٤٨٨ الحديث ١٧٤٢ ، الوافي : ٧ / ١٥٤ الحديث ٥٦٦٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦٤ الحديث ١١١٧٨ مع اختلاف يسير.
(٢) مرّ آنفا.