وانصراف الإطلاق إلى الكامل ، فكما ينصرف الوجوب إلى العينيّ لأنّه الكامل فكذلك الإمام ، فلا وجه لتفكيك الذي ارتكب ، وبالأخبار منها : ما ذكرناه عن «العلل» (١) ، فإنّ الفضل بن شاذان ـ مع نهاية فضله ـ سأل الرضا عليهالسلام عن علّة قصر الجمعة من بين الصلوات للحاضرين الآمنين.
مع أنّه كان يرى أنّ الصلوات تصلّى كثيرا خلف الأئمّة عليهمالسلام من غير قصر جزما.
فكلامه في قوّة أنّ الفرائض التي تصلّى خلف الأئمّة عليهمالسلام ليست بقصر ، فما بال الجمعة صارت قصرا؟
فأجاب عليهالسلام لعلل ، منها : «إنّ الصلاة مع الإمام أتمّ وأكمل ، لعلمه وفقهه وعدله وفضله».
ولا يخفى أنّ المراد منه إمام العصر عليهالسلام ، بقرينة ما يذكر بعد ذلك.
مع أنّه لا وجه لأن يكون إمام الجماعة ، لما عرفت من أنّ الفرائض الاخر تصلّى عادة خلف إمام الجماعة أربعا ، فلم يبق إلّا أن يكون المراد إمام العصر عليهالسلام.
فإن قلت : فلم تصلّى خلفه الفرائض الاخر أربعا؟
قلت : إذا صار إمام الجماعة ، فهو حينئذ إمام الجماعة من حيث هو إمام الجماعة ، كما إذا باع شيئا ، فهو حينئذ بائع من حيث إنّه بائع ، وكذا إذا اشترى ، وكذا إذا فعل فعلا آخر.
وأما إذا صار إمام الجمعة فمن حيث إنها منصبه ، فهو إمام العصر من حيث إنّه إمام العصر ، ولذا صلح أن تكون الصلاة التي صلّى هو وصلّى المكلّفون معه بمرتبة من الكمال والتمامية ، بحيث تصير ركعتاه عدال الأربع وإلا فمن المعلوم أنّ
__________________
(١) علل الشرائع : ٢٦٤ و ٢٦٥ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ٢ / ١١٨ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣١٢ الحديث ٩٤٤٠.