ولو ردّته الريح ، فإن بلغ سماع الأذان ورؤية صورة الجدران أتمّ ، وإلّا قصّر ، وكذا الحال في ردّ القاسر الآدمي في كلّ سفر يكون ، أو من استعصاء الدابة ، وأمثال ذلك.
التاسع : قد عرفت أنّ المسافر لا يقصّر إذا شكّ في بلوغ سفره حدّ المسافة الشرعيّة ، فإذا صام وأتمّ الصلاة ، ثمّ ظهر عليه بلوغه حدّ المسافة أو ما زاد عنه ، حكم العلّامة في «التحرير» بعدم الإعادة (١).
ولعلّه لأنّه صلّى صلاة مأمورا بها ، وكذا الصيام ، وامتثال الأمر يقتضي الإجزاء ، ولأنّه قبل ظهور البلوغ كان ممتثلا مطيعا ، لأنّ الشارع ما كلّفه إلّا بذلك ـ على ما عرفت ـ وكان يكفيه لامتثاله البتة.
والاحتياط الذي ذكرناه لم يكن واجبا عليه ، بل كان احتياطا ، طلب منه على سبيل الاحتياط لا الوجوب ، كما حقّق في محلّه ، ومرّ في بحث صلاة الجمعة وغيره.
ويمكن أن يقال : إنّ تكليفه وامتثاله إنّما كان بناء على أنّ مسافته لم تبلغ في أمثال المقام شرعا حدّ القصر ، بل كانت على حدّ التمام والصيام ، فإذا ظهر خلاف ذلك كشف عن كون الواجب عليه القصر والإفطار ، فإذا حصل اليقين بالبلوغ ، حصل العلم ـ من عمومات الأخبار وغيرها ـ بأنّه ما أتى بما امر به وكلّف عليه ، لأنّ فرضه القصر والإفطار بمقتضى العمومات ، سيّما إذا كان الوقت باقيا ـ مثل أن يكون في يوم صومه ظهر عليه جزما ـ أنّه مسافر ـ يجب عليه الإفطار ، وكذا لو صلّى في أوّل الوقت ، وظهر عليه بعد الفراغ.
نعم ، إن ثبت معذوريّته شرعا ـ كما ثبت في المتمّم الجاهل بوجوب القصر ـ
__________________
(١) تحرير الأحكام : ١ / ٥٧.