الامتثال والقربة ، فإنّ النسيان والغفلة ليس بإرادة حقيقة ، وما كان ذلك قصد المكلّف ومنظوره ومراده ، بل صدر عنه غفلة ، ونسي ما كان يريد أن يأتي به لامتثاله.
غاية ما في الباب أنّه اتّفق المطابقة للواقع ، ومجرّد الاتّفاق لا يكفي ، لأنّه ما كان يريده ويشتهيه ، بل كان يتنفّر عنه ، وما كان يريده ، إلّا أنّه اتّفق أنّه صدر عنه خطأ وغفلة ، مثل سائر غفلاته ، ومثل ذلك لا يعدّ في العرف إطاعة وامتثالا ، فلا يكون صحيحة ، لعدم تحقّق قصد الامتثال حقيقة ، فيكون عليه الإعادة قصرا ، للخروج عن العهدة.
وقيل بصحّة مثل هذه العبادة (١) ، لأنّ الصحّة هي المطابقة للمطلوب ، واتّفق أنّها طابقت المطلوب ، وكون ذلك عن معرفته وعلمه غير لازم.
وفيه ، أنّ مثل هذا لا يقال في العرف : إنّه أطاع المولى ، بل يقال : صدر منه غفلة ما هو مطابق لطلب المولى ، وبينهما فرق ، إلّا أن يمنع وجوب تحقّق الإطاعة بالنحو المذكور ، وقد بسطنا الكلام في المقام في «الفوائد الحائريّة» فليلاحظ (٢).
ثمّ اعلم! أنّ حال الإتمام اتّفاقا مثل حال القصر اتّفاقا من دون تفاوت أصلا.
الثاني عشر : لو خرج وينتظر رفقة إن حصلت سافر وإلّا فلا ، أتمّ ما لم يبلغ خروجه حدّ المسافة ، وهي الثمانية ، أو الأربعة مع الإياب ، أو الذهاب بقدرها على أيّ حال ، وإلّا فيقصّر في طريقه ذهابا وإيابا وموضعه وقدر انتظاره ما لم يتجاوز شهرا.
__________________
(١) قال به المقدّس البغدادي ، كما في جواهر الكلام : ١٤ / ٣٥٢.
(٢) الفوائد الحائريّة : ٤١٥.