فإن قلت : مرسلة يونس هكذا : «وإن كان مقامه في منزله ، أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيّام ، فعليه التقصير والإفطار» (١) ، فالشرط فيه كون المقام أكثر من عشرة ، وأنّه لا يكفي العشرة ، وفتوى الفقهاء كفايتها ، وعدم اشتراط أزيد منها.
قلت : ذكر ذلك في مقابل قوله عليهالسلام : «أيّما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقلّ من عشرة» ، ومعلوم أنّ مفهومه مقابل له وهو العشرة فما زاد ، فالمراد ذلك بقرينة المقابلة.
وإنّما عبّر كذلك من جهة أنّ إقامة العشرة ، بحيث لا يزيد عنها أصلا ولا ينقص عنها مطلقا من الفروض النادرة ، وفي مقام الإطلاقات ربّما لا ينظر إليها ، كما في مسألة البعيد عن صلاة الجمعة بفرسخين ، وسيجيء في مسألة أقلّ الدرهم من الدم ، وغير ذلك.
هذا ، مع أنّك عرفت أنّ الروايات الثلاث كلّها واحدة ، فالروايتان المسندتان تكشفان عن كون المراد من المرسلة ما ذا؟
مع أنّك عرفت أنّ عدم القول بالفصل والإجماع البسيط يصيران قرينة لفهم الحديث.
ثمّ اعلم! أنّه متى وجب القصر على كثير السفر بسبب إقامة العشرة ، ثمّ سافر مرّة ثانية بدون الإقامة ، فالأظهر وجوب الإتمام عليه ، لعمومات الأخبار ، كما نقل عن ابن إدريس وغيره (٢).
واعتبر الشهيد في العود إلى الإتمام هنا المرّة الثالثة ، لأنّ الاسم قد زال
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٨٨ الحديث ١١٢٤٥ مع اختلاف يسير.
(٢) السرائر : ١ / ٣٣٨ و ٣٣٩ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٤٥٣.