فيحصل من هذا وهن عظيم في روايتكم واستدلالكم بها ، بل ربّما كانت روايتاه واحدة وقع الإخلال في متن إحداهما من جهة النقل بالمعنى.
فيتعيّن حينئذ أن يكون المراد هو الاحتمال الذي ذكرناه لرفع التعارض بين الأخبار.
بل عرفت سابقا أن الأظهر اتّحاد أمثال هذه الروايات إذا كانت من راو واحد ، إذ كيف يقتصر في كلّ واحد من روايتيه بواحدة منها لراو من دون إظهار روايته التي رواها ضدّا لها ومخالفة أشدّ المخالفة ، مع قطع النظر عن كونه خيانة وغشّا وتدليسا ، حاشا عن العدل أن يرتكبها ، سيّما مثل ابن مسلم الذي هو أحد الأوتاد من الذين لولاهم لاندرس آثار النبوّة (١). إلى غير ذلك من مدائحه العظيمة التي لا تحصى.
مع أنّه أيضا روى في الصحيح ، عن الصادق عليهالسلام عن الرجل يريد السفر متى يقصّر؟ قال : «إذا توارى عن البيوت» ، قلت : الرجل يريد السفر فيخرج حين زوال الشمس ، قال : «إذا خرجت فقصّر» (٢).
ومن المرجّحات أيضا ما ذكره بعض المحقّقين من أنّ أكثر العامّة قائلون باعتبار حال الوجوب (٣) ، فيكون ما دلّ عليه محمولا على التقيّة.
وممّا ذكر ظهر الجواب عن غير رواية محمّد بن مسلم أيضا ، مثل رواية النبّال قال : خرجت مع أبي عبد الله عليهالسلام حتّى أتينا الشجرة ، فقال لي أبو عبد الله عليهالسلام : «لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلّي أربعا غيري
__________________
(١) رجال الكشّي : ١ / ٣٩٨ الرقم ٢٨٦.
(٢) الكافي : ٣ / ٤٣٤ الحديث ١ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٧٩ الحديث ١٢٦٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٢٤ الحديث ٥٦٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٧٠ الحديث ١١١٩٤ و ٥١٢ الحديث ١١٣١٢ مع اختلاف يسير.
(٣) الحدائق الناضرة : ١١ / ٤٨٠.