والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل ، فلأنّه لو ثبت لزم تقدّم الحكم على العلّة ، لأنّ المقتضي للقصر ليس إلّا السفر ، وهو متأخّر عن وجوب الصلاة ، فلو اقتضى قصر الصلاة المتقدّم ثبوتها ، لزم تقدّم المعلول على العلّة وهو باطل قطعا.
وأمّا الثاني ، فلأنّه لا يلزم من عدم دليل الثبوت تحقّق الضدّ ، ولأنّ المقتضي للإتمام وهو الحضر موجود حالة الوجوب ، فلا يمكن القول بنفيه وإلّا لزم اجتماع الضدّين.
ولا يخفى ما في الكلّ من الخدشة.
أمّا في الأوّل ، فإن كان مراده الاستصحاب فيرجع إلى الرابع ، وإن كان غيره ، فلا وجه له ، لأنّ مقتضى الأدلّة أنّ غير المسافر يتمّ ، والمسافر يقصّر إلّا أن يثبت أنّه يتمّ ، ولم يثبت هنا ، بل ثبت أنّه يقصّر ، كما مرّ.
وقياس المسافر في المقام بالحائض والميّت قياس مع الفارق الواضح ، إذ بالحيض والموت وأمثالهما تفوت الصلاة فيجب القضاء ، لعموم قوله عليهالسلام : «من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته» (١) ، ـ على حسب ما سيجيء ـ ولو لا هذا العموم لم يجب القضاء إلّا بنصّ خاصّ ، لأنّه فرض جديد على ما هو الحقّ ، والقضاء تابع للأداء ، كما اعترف به ، والمسافر لم تفت صلاته ، بل انتقل فرضه الحاضر بفرض المسافر ، إلّا أن يدلّ دليل على عدم الانتقال وليس ، بل ثبت الانتقال من الأدلّة الخاصّة أيضا.
وأمّا الثاني ، فقد مرّ الكلام في أمثال هذه الأخبار ، وأنّها لا تعارض ما دلّ على كون العبرة بوقت الأداء مطلقا.
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٨ الباب ٦ من أبواب قضاء الصلوات.