والأحوط الفعل حينئذ بلا شبهة ، بل الأحوط الفعل مطلقا ، وإن كان الكسوف قليلا من الوقت غاية القلّة ، وتحقّق مسماه ، وكذا الكلام في الرياح المخوفة وسائر الأخاويف.
واختار في «المدارك» كونها موقّتة ، وأنّه لا بدّ في وجوبها من وقت يسعها ، لقوله عليهالسلام : «كلّ أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف حتّى يسكن» (١).
قال : وجه الدلالة أنّ «حتّى» إمّا أن تكون لانتهاء الغاية أو للتعليل ، وعلى الأوّل يثبت التوقيت صريحا ، وكذا على الثاني ، لأنّ انتفاء العلّة يقتضي انتفاء المعلول (٢).
قال خالي العلّامة رحمهالله : ويمكن المناقشة في الوجهين ، أمّا الأوّل ؛ فباحتمال كون التوقيت لتكرار الصلاة لا لأصلها ، إذ يقال : ضربته حتّى قتلته ، ولا يقال : ضربت عنقه حتّى قتلته. وأمّا الثاني ؛ فبإمكان كون العلّة للشروع في الصلاة لا لأصلها (٣) ، انتهى.
وفيه ؛ أنّ تقدير التكرّر خلاف الأصل ، لا يصار إليه إلّا لدلالة من قرينة ، كما في ضربته حتّى قتلته ، بخلاف قوله : صلّ إلى أن يسكن ، مع أنّه لم يقل بوجوب التكرار هنا ، بل ولا باستحبابه أيضا بلا خفاء ، مع أنّ الاستحباب أيضا مجاز وخلاف الأصل ، والأمر حقيقة في الوجوب ، فالمراد أنّ غاية وجوب هذه الصلاة وطلبها شرعا أن يسكن ، مثل قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى
__________________
(١) مرّت الإشارة إلى مصادره آنفا.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ١٣١ و ١٣٢.
(٣) بحار الأنوار : ٨٨ / ١٥٩.