والحدّ الثاني : ذكره أيضا أهل اللغة ، وأكثرهم اقتصر عليه (١).
ولعلّ الحدّين مآلهما واحد ، إلّا أنّ الثاني فيه إجمال ، وإن ضبط ذلك بأنّ يتميّز الفارس عن الراجل للمبصر المتوسّط في الأرض المستوي ، إذ لا تأمّل في أنّه بعد لا يخلو عن إجمال وعدم انضباط تامّ.
ولعلّ لذلك اختار المشهور الأوّل ، والفقهاء أكثرهم اقتصر عليه (٢) ، وظاهر المحقّق أيضا أنّ تعويله على الأوّل أزيد حيث قدمه ، وقال : تعويلا على المشهور بين الناس.
ولا شبهة في أنّ هذا أقوى وأضبط ، سيّما على القول بتقديم العرف على اللغة عند التعارض ، بل على القول بتقديم اللغة أيضا ، لأنّ أهل اللغة أيضا ذكروا الأوّل ، فصار متّفقا عليه بين أهل العرف واللغة ، مضافا إلى الأضبطيّة ، بل الضبط ، لأنّ ما ذكر في الثاني لم يظهر بعد وجهه ، ومع ذلك لا ينفع ، لعدم الإخراج عن الإجمال بالمرّة.
وأمّا ما ذكر في الروايتين اللتين ذكرهما (٣) ، فمع ضعف السند لا يمكن الاحتجاج بهما ، لما حقّق من اشتراط العدالة ، أو ما يجبر ضعف السند ، حتّى يتحقّق التبيّن ، ولم يوجد جابر ، بل المخالفة لفتوى الفقهاء تجعلهما شاذّتين ، لا يجوز العمل بهما عقلا ونقلا.
هذا ، مضافا إلى المخالفة بينهما وعدم ظهور قائل بمضمونهما ، وعدم معلوميّة المراد من الذراع المذكور فيهما ، لأنّ الذراع الهاشمي ، والذراع المكسر ، وذراع
__________________
(١) مجمع البحرين : ٥ / ٤٧٦.
(٢) السرائر : ١ / ٣٢٨ ، المعتبر : ٢ / ٤٦٧ ، منتهى المطلب : ٦ / ٣٣٥ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٣١٠.
(٣) مرّت الإشارة إليهما آنفا.