الكرباس ، لعلّ كلّ واحد مغاير الآخر ، ولا يدلّ دليل على تعيينه.
ومع ذلك لا توافقان الحدّ الآخر في مسافة القصر ، وهو بياض يوم بالنسبة إلى سير الأحمال والجمال المتعارف ، سيّما الرواية الثانية.
وكذا لا توافقان ما ذكر في صحيحة زرارة من أنّ الجمعة واجبة على من إن صلّى الغداة في أهله أدرك الجمعة (١) ، والعلّة المذكورة في ذلك وإرجاعها إلى الفرسخين المذكورين في أكثر الأخبار. إلى غير ذلك من مبعداتهما.
ويمكن أن يكون الثانية سهوا ، كما ذكره المصنّف ، بل الظاهر ذلك ، لما ذكره المصنّف ، ولغاية منافرتها مع الامور التي أشرنا إليها وغيرها ، بحيث يحصل القطع بذلك ، إلّا أن يجعل المراد من الذراع أمرا آخر غير المعهود.
وأمّا الاولى ، فيمكن أن يكون المراد من الذراع فيها ما يساوي القدمين ، إذ في الأخبار يجعل الذراع والقدمان متّحدين ، معرّفا كلّ منهما الآخر ، منها الأخبار الواردة في أوقات الصلاة ، ونوافل الظهرين (٢).
ومعلوم أنّ القدمين يزيد على الذراع المحدود بأربعة وعشرين إصبعا بشيء يسير ، كما لا يخفى ، بل لعلّه أقرب إلى مساحة ما بين ظلّ عائر وفيء وعير المذكور في الروايتين (٣) ، فتأمّل جدّا!
وممّا يؤيّد ما ذكرناه ، أنّ الفقهاء المتأخّرين بأجمعهم اتّفقوا على الحدّ المذكور ، ولم يتعرّضوا حال الروايتين أصلا ورأسا.
بل لم يظهر من القدماء التعرّض والفتوى ، غير أنّ الصدوق رحمهالله لمّا نقل
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٤٠ الحديث ٦٤٢ ، الاستبصار : ١ / ٤٢١ الحديث ١٦٢١ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣٠٧ الحديث ٩٤٢٧.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ١٤٠ الباب ٨ ، ١٥٦ الباب ١٠ من أبواب المواقيت.
(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦٠ الحديث ١١١٦٨ و ١١١٦٩ مع اختلاف يسير.