يظهر منه مجموع ماهيّتها انحصر ثبوتها في الإجماع ، وفعله صلىاللهعليهوآله في مقام بيانها ، أو في مقام إتيانها ، والجمعة الصحيحة بالإجماع ما إذا كانت خطبتها مع الطهارة.
وفعلها أيضا يدلّ على ذلك ، أمّا في مقام البيان فظاهر ، وأمّا في مقام الإتيان بها ، فلظهور أنّ هذه صلاة الجمعة جزما ، وأمّا غيرها فلم يظهر من الشرع أصلا ، ولقوله صلىاللهعليهوآله : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» (١).
وعرفت في بحث اشتراط الإمام أو نائبه عدم جريان الأصل في إثبات ماهيّة العبادات ، وصرّحوا في كتب الاصول أيضا بذلك.
وأمّا ما ذكره من أنّ إثبات المماثلة. إلى آخره (٢) ، ففيه إنّ الظاهر من أمثال هذه العبارة اتّحاد الماهيّة ، وهي حقيقة فيها ، كما يظهر من كلامه الاعتراف به ، ومن المسلّمات أنّه إذا تعذرت الحقيقة ، فأقرب المجازات متعيّن ، ومقتضاه المماثلة من جميع الوجوه ، إلّا ما وقع عليه الإجماع ، ولذا قال عليهالسلام : هي هي بعينها (٣) ، فلا يكون إجمال.
وهذا هو الظاهر من قدماء فقهائنا ، بل المتأخّرين أيضا (٤) ، وفرق واضح بين نفي المساواة وإثباتها ، فإنّ نفي بعض الأحكام نفي المساواة ، بخلاف إثبات البعض ، فإنّه لا يحسن بمجرّد ذلك أن يقال : هما متّحدان ، وهو هو.
نعم ، يمكن أن يقال بعدم المماثلة في بعض الأحكام الذي ليس من الأحكام الظاهرة الشائعة المتداولة للمشبّه به ، كما حقّقناه في «الفوائد» (٥) ، ولا شكّ في أنّ
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٨ الحديث ٨.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٤١.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٧ / ٣١٣ الحديث ٩٤٤١ نقل بالمعنى.
(٤) رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٤١ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٠٥ ، الهداية : ١٤٦ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ١٣٥ ، جامع المقاصد : ٢ / ٤٠٠.
(٥) الفوائد الحائريّة : ١٠٩ و ١١٠.